الذي يعرفه تفيض عليه الخيرات ، وتقع على يده المعجزات .. ونحن نؤمن ونعتقد بأن كل اسم لله هو الاسم الأعظم ، أي انه عظيم ، لأن التفضيل لا يصح إطلاقا ، لعدم وجود طرف ثان تسوغ معه المفاضلة ... وبكلمة ان المفاضلة تستدعي المشاركة وزيادة .. والذي ليس كمثله شيء لا يشاركه أحد في شيء.
والرحمن في الأصل وصف مشتق من الرحمة ، ومعناها بالنسبة اليه تعالى الإحسان ، وبالنسبة إلى غيره معناها رقة القلب ، ثم شاع استعمال الرحمن في الذات القدسية ، حتى صار من أسماء الله الحسنى ، قال تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى). وعلى هذا فلك ان تعرب لفظة الرحمن صفة لله بالنظر الى الأصل ، ولك أن تجعلها بدلا بالنظر الى النقل.
الرحيم أيضا وصف مشتق من الرحمة ، بمعنى الإحسان بالنسبة اليه جل وعز. وفرّق أكثر المفسرين ، أو الكثير منهم ، بين لفظة الرحمن ، ولفظة الرحيم بأن الرحمن مشتق من الرحمة الشاملة للمؤمن والكافر ، والرحيم من الرحمة الخاصة بالمؤمن ، وفرعوا على ذلك ان تقول : يا رحمن الدنيا والآخرة ، وان تقول : يا رحيم الآخرة فقط دون الدنيا .. أما أنا فأقول : يا رحمن يا رحيم الدنيا والآخرة : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) ـ الزخرف ٣٢».
ومعنى (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) بجملة انك قد ابتدأت عملك مستعينا بالله الذي وسعت رحمته كل شيء مسجلا على نفسك ان ما تفعله هو باسم الله ، لا باسمك أنت ، ولا باسم أحد سواه ، تماما كما يقول موظف الدولة للرعايا : باسم الدولة عليكم كذا وكذا .. وان عملك الذي باشرت هو حلال لا شائبة فيه لما حرم الله .. فان كان حراما ، وفعلته باسم الله فقد عصيت مرتين في آن واحد ، وفعل واحد : مرة لأنه حرام بذاته ، ومرة لأنك كذبت في نسبته الى الله .. تعالى علوا كبيرا.
والبسملة جزء من السورة عند الشيعة الإمامية .. وقد أوجبوا الجهر بها فيما يجب الجهر فيه بالقراءة ، كصلاة الصبح ، وأوليي المغرب والعشاء ، ويستحب الجهر بها فيما يخافت فيه بالقراءة ، كأوليي الظهر والعصر ، ويجوز الإخفات.
وقال الحنفية والمالكية : يجوز ترك البسملة في الصلاة كلية ، لأنها ليست جزءا من السورة .. وقال الشافعية والحنابلة : بل هي جزء لا تترك بحال ، سوى ان الحنابلة قالوا : يخفت بها إطلاقا ، وقال الشافعية : يجهر بها في الصبح ، واوليي العشاءين ، وما عدا ذلك إخفات .. ويتفق قول الشافعية والحنابلة مع قول الإمامية.