٢ ـ ما جرت عليه العادة في طريقة المحاورات والمجاملات ، وفي كيفية اللباس ، وما الى ذلك مما تستدعيه الحياة الاجتماعية ، ويشترك فيه الكبير والصغير ، والعالم والجاهل ، وهذا النوع من التقليد يوصف بالحسن والقبح تبعا لما يراه الناس.
٣ ـ تقليد الجاهل للعالم في الشؤون الدنيوية ، كالطب والهندسة ، والزراعة والصناعة ، وما اليها من الرجوع الى أهل الخبرة والاختصاص ، وهذا التقليد حسن ، بل هو ضرورة لازمة تفرضها الحياة الاجتماعية ، ولولاه لاختل النظام ، وتعطلت الأعمال ، إذ ليس في مقدور الإنسان أن يعلم كل شيء ، ويحيط بكل ما يحتاج اليه ، وقد كان الإنسان وما زال بحاجة الى التعاون ، وتبادل الخدمات.
٤ ـ تقليد المجتهد لمجتهد مثله في الأمور الدينية ، فانه مذموم عقلا وعرفا ، ومحرّم شرعا ، لأن ما علمه هو حكم الله في حقه ، فلا يجوز تركه بقول غيره .. وأي عاقل كفؤ تقوم الحجة لديه فينكرها بحجة سواه؟ .. وأي عالم يرغب عن قول الله ورسوله المعصوم الى قول من يخطئ ويصيب؟.
٥ ـ تقليد الجاهل للمجتهد العادل في المسائل الدينية الفرعية ، كأحكام العبادات ، والحلال والحرام ، والطهارة والنجاسة ، وصحة المعاملات ، وما اليها ، وهذا التقليد واجب عقلا وشرعا ، لأنه تقليد لمن أخذ علمه من الدليل والحجة ، تماما كتقليد المريض الجاهل بدائه ودوائه للعالم بهما .. ان الجاهل مكلف بالاحكام ، ولا طريق له الى الامتثال إلا بالرجوع الى العالم : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
أجل ، إذا صلى الجاهل وصام تبعا لآبائه ومن اليهم ، لا تقليدا للمجتهد العادل ، وطابقت عبادته الواقع صحت منه وقبلت ، لأن التقليد ليس جزءا ولا شرطا من المأمور به ، وانما هو مجرد وسيلة .. وبالأولى ان تصح معاملاته إذا وقعت على وجهها.
أما قول من قال : ان العبادة تفتقر الى نية القربة ، ونية القربة لا تتحقق إلا من المجتهد أو المقلد له .. أما هذا القول فمجرد دعوى ، لأن معنى نية القربة الإتيان بالمأمور به بدافع الأمر المتعلق به خالصا من كل شائبة دنيوية .. وليس