ولو كنت حاضرا مع البعثة العلمية بانكلترا لأجبت بكلمة «الاستقامة» فإنها الكلمة الجامعة المانعة الشاملة للاستقامة في العقيدة بما فيها التوحيد والتنزيه عن الشبيه ، وأيضا تشمل الاستقامة في الأعمال والأخلاق والأحكام وجميع التعاليم بما فيها الرحمة والمحبة والتعاون. ان الرحمة من مبادئ الإسلام ، وليست الإسلام بكامله ، كما ان التوحيد أصل من أصوله ، لا أصوله بأجمعها.
وبما ان الاستقامة تجمع المحبة والرحمة والتوحيد ، وسائر الأصول الحقة ، والأعمال الخيرية ، والأخلاق الكريمة المستقيمة ، وبما انها المقياس الصحيح للفضيلة والكمال الذي يبلغ بالإنسان الى سعادة الدنيا والآخرة .. لذلك كله أمرنا أن نكرر في صلاتنا صباح مساء : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) .. وقال عز من قائل مخاطبا نبيه الأكرم (ص) : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ ، وَمَنْ تابَ مَعَكَ ، وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ـ هود ١١٣». وقال : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) ـ فصلت ٣٠».
ولا شيء أدل على ان الاستقامة هي الكل في الكل من قول إبليس اللعين : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ).
وجاء في الحديث الشريف : «قال سفيان الثقفي : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا اسأل عنه أحدا بعدك. قال رسول الله : قل : آمنت بالله ، ثم استقم».
واختصارا ان معنى الاستقامة أن نقف عند حدود الله ، ولا ننحرف عن الحق الى الباطل ، وعن الهداية الى الضلال ، وان نسير بعقيدتنا وعاطفتنا ، وجميع أقوالنا وأفعالنا على الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.