والألف والنون ، وشهد منكم الشهر ، الشهر مفعول فيه ، أي في الشهر ، فليصمه ، أي يصم فيه.
المعنى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ). الصوم من أهم العبادات ، وهو واجب بضرورة الدين ، تماما كوجوب الصلاة والزكاة ، وفي الحديث «بني الإسلام على خمس : شهادة ان لا إله الا الله ، واقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام شهر رمضان ، وحج البيت لمن استطاع اليه سبيلا».
وأفتى الفقهاء ان من أنكر وجوب الصوم فهو مرتد يجب قتله ، ومن آمن بوجوبه ، ولكن تركه تهاونا واستخفافا عزّر بما يراه الحاكم الشرعي ، فان عاد عزر ثانية ، فان عاد قتل ، وقيل : بل يقتل في الرابعة.
والصوم عبادة قديمة افترضها الله سبحانه على من سبق من الأمم بصورة مختلفة عن صومنا نحن المسلمين كمّا وكيفا وزمنا ، فالتشبيه هنا تشبيه الفريضة بالفريضة بصرف النظر عن الصفة وعدد الأيام ، ووقتها .. فان تشبيه شيء بشيء لا يقتضي التسوية بينهما من كل وجه.
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). قال كثير من المفسرين : ان هذه الجملة تشير الى الحكمة من وجوب الصوم ، وهي أن يتمرن الصائم على ضبط النفس ، وترك الشهوات المحرمة ، والصبر عنها ، فقد جاء في الحديث : «الصيام نصف الصبر». وقال الإمام أمير المؤمنين (ع) : لكل شيء زكاة ، وزكاة البدن الصيام. وقال : فرض الله الصيام ابتلاء لاخلاص الخلق .. وبديهة ان كل أوامر الله ونواهيه هي ابتلاء لاخلاص الخلق ، ولكن الصوم أشق التكاليف ، لأن فيه مغالبة النفس ، وجهادها ، وضبطها عما تميل اليه من الطعام والشراب وشهوة الجنس.
(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ). هي ايام رمضان ، لأن الله لم يكتب علينا غيرها.
(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ