فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ). ذكر الله في هذه الآية ثلاث مسوغات للإفطار في رمضان : المرض ، والسفر ، والشيخوخة.
والمرض المسوغ للإفطار هو أن يكون الإنسان مريضا بالفعل ، وإذا صام ازداد مرضه ، بحيث تشتد آلامه ، أو تزيد أيامه ، أو كان صحيحا ، ولكن يخشى إذا هو صام أن يحدث له الصوم مرضا جديدا ، أما مجرد الضعف والهزال فلا يسوغ الإفطار ما دام محتملا ، والجسم سالما. وإذا أصر المريض على الصوم مع تحقق الضرر واقعا فسد صومه ، وعليه القضاء ، تماما كما لو أفطر بلا عذر.
وثبت عن طريق السنة والشيعة ان رسول الله (ص) قال : ليس من البر الصيام في السفر. وفي تفسير المنار انه اشتهر عن الرسول الأعظم قوله : «الصائم في السفر كالمفطر في الحضر». وممن ذكر هذا الحديث ابن ماجة والطبري ، وقال الرازي : ذهب قوم من علماء الصحابة الى انه يجب على المريض والمسافر أن يفطرا ، ثم يصوما عدة من ايام أخر ، وهو قول ابن عباس وابن عمر ، واختيار داود بن علي الأصفهاني.
وعلى هذا يكون الإفطار في السفر عزيمة ، لا رخصة ، أي لا يجوز للمسافر أن يصوم بحال ، لعدم الأمر بالصوم ، وأقوى الأدلة كلها على ذلك ان الله سبحانه قد أوجب القضاء بنفس السفر والمرض ، حيث قال : فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من ايام أخر ، ولم يقل فأفطر فعدة من ايام أخر ، وتقدير أفطر خلاف الظاهر ، والكلام لا يوجبه ، لأنه يستقيم من غير تقدير.
أما المسوغ الثالث للإفطار ، وهو الشيخوخة فقد أشار اليه سبحانه بقوله : «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين». فقد نزل هذا الحكم في خصوص المسن الضعيف الهرم رجلا كان أو امرأة ، والطاقة اسم لمن كان قادرا على الشيء مع الشدة والمشقة ، وهذا هو المخير بين الصوم ، والإفطار مع الفدية ، وهي اطعام مسكين ، وفي ذلك روايات صحيحة عن أهل البيت (ع).
(فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ). أي من زاد في الإطعام على مسكين واحد ، أو اطعم المسكين الواحد أكثر من القدر الواجب فهو خير .. وله الخيار في أن يدعو المسكين المحتاج ، فيطعمه ، حتى يشبع ، أو يعطيه من الدقيق والحبوب التي يأكل منها أكثر من ٨٠٠ غرام بقليل ، ويجوز أن يعطيه الثمن