دفعهم الى هذا القول ما يردده أعداء الإسلام من انه دين حرب ، لا دين سلام متذرعين بحروب الرسول الأعظم (ص).
والحق ان الإسلام أجاز القتال في موارد : منها الدفاع عن النفس. ومنها : قتال أهل البغي ، قال تعالى في الآية ١٠ من سورة الحجرات : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ). ومنها : القتال للقضاء على الكفر بالله ، قال تعالى في الآية ٣٠ من التوبة : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ). وقال الرسول الأعظم (ص) : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله ، فان قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم» ولكن هذا النوع من الجهاد والقتال لا يجوز الا بإذن المعصوم أو نائبه تحرزا من الفوضى.
ان جواز القتال دفاعا عن النفس لا يدل على عدم الاذن بالقتال لغاية أخرى ، كالقضاء على البغي والكفر .. ان الإسلام يجيز الحرب والقتال من أجل التدين بدين الحق والعدل ، لأن الكفر عدوان بذاته في مفهوم الإسلام ، ويحرم القتال من أجل استعباد الشعوب ، ونهب مقدراتها ، والسيطرة على أسواقها. لقد أجاز الإسلام العنف للقضاء على الجرائم والآثام ، والدفاع عن حقوق الإنسان وحريته وكرامته .. وأثار المستعمرون الحروب ، وسفكوا الدماء ، وسخروا العلم للتخريب والفناء (١) من أجل النهب والسلب ، وسيادة الظلم والعدوان .. هذا هو الجواب الصحيح الذي ينبغي أن يجاب به الذين يحاولون النيل من الإسلام ونبي الإسلام متذرعين بأنه دين القتال والسيف .. ان الإسلام ايجابي ، لا سلبي .. انه حرب على كل من لا يدين بدين الحق والعدل ، ويبغي في الأرض الفساد .. والكفر بالله ظلم وفساد في دين الإسلام وشريعته.
__________________
(١) في سنة ١٩٥٧ صدر كتاب بالولايات المتحدة ، اسمه مستقبل الطاقة الذرية ، واسم المؤلف تريتون ، جاء فيه ان التقدم العلمي خفض كثيرا سعر قتل الإنسان ، فقبل القنبلة الذرية كان قتل الرأس البشرية يكلف العديد من الجنيهات ، وبعدها أصبح يكلف جنيها واحدا ، وبعد القنبلة الهيدروجينية أصبح يكلف شلنا واحدا.