الذين لا يفهمون أساليب اللغة العالية ، أو تفسير الأعاجم الذين هم أجدر بعدم الفهم.
أما السبب لاختلاف المفسرين ، وما تولد منه من الإشكالات فهو انهم فهموا من الآية ان الله سبحانه يتولى ويدبر أمور المؤمنين دون غيرهم ، لا ان المؤمنين هم الذين يتخذونه وليا لهم دون غيره ، والفرق كبير بين المعنيين ، ومن هنا ورد الاشكال على فهم المفسرين بأن ولاية الله وعنايته تشمل جميع الخلائق على نسق واحد ، لا المؤمنين فقط.
وكيف كان ، فان أقوال المفسرين ، أو أكثرهم لا تلتئم مع السياق ، وان المعنى السليم الذي لا ترد عليه أية شبهة ، ويلتئم مع قوله تعالى : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ) الخ هو ان المؤمنين لا يتخذون لهم وليا من دون الله ، ولا يجعلون لأحد سلطانا عليهم الا له وحده .. اليه يلجئون ، وبكتابه وسنة نبيه يهتدون في عقائدهم ، وجميع أقوالهم وأفعالهم ، ولا يثقون بأهل الضلالة والطغيان ، مهما علت منزلتهم .. على العكس من الكافرين الذين يتخذون الطاغوت أولياء لهم من دون الله.
وليس من شك ان من آمن بالله ، وصمم على طاعته والاهتداء بآياته وبيناته عن صدق واخلاص فانه يسلم بتوفيق الله وعنايته من ظلمة البدع والضلالات ، والأهواء والجهالات ، ويستضيء بنور المعرفة الحقة ، والايمان الصحيح ، وهذا هو معنى يخرجهم من الظلمات الى النور.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ). قال الرازي : «الطاغوت مصدر كالملكوت ، ويقع على المفرد والجمع» وعليه فلا يرد السؤال ، أو الاشكال بأن المناسب أن يلائم بين لفظه ولفظ الأولياء ، فيقول : أولياؤهم الطواغيت ، أو وليهم الطاغوت. والمعنى ان الكافرين يتخذون أهل الضلالة والطغيان أولياء لهم من دون الله ، فيأتمرون بأمرهم ، وينتهون بنهيهم ، وهؤلاء يسيرون بهم في طريق المهالك ، ويخرجونهم من نور العقل والفطرة الى ظلمات الكفر والبدع.