وأقوى برهان ، حتى لم يبق حجة لكافر ، ولا عذرا لمعتذر .. ومن عرف طريق الرشد والحق عرف طريق الغي والباطل ، إذ لا شيء بعد الحق الا الضلال.
قال الملا صدرا ما توضيحه : ان معنى تبيين الرشد من الغي هو تمييز الحق من الباطل ، والايمان من الكفر بالأدلة والبراهين ، مع تفهمها وتدبرها ، أما من يعتقد بالحق عن تقليد فلا فرق بينه وبين الحيوان إلا الاعتقاد .. أجل ، ان من يقتدي بالصالحين عن صدق نية ، وصفاء طوية يناله نصيب مما ينالونه غدا.
(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها). تعددت الأقوال في تفسير الطاغوت ، وقد أنهاها بعض المفسرين الى تسعة ، منها ان المراد به الشيطان ، ومنها الدنيا الدنية ، وأقربها الى الفهم ، ودلالة اللفظ تفسير الشيخ محمد عبده ، وهو ان الطاغوت ما تكون عبادته والايمان به سببا للطغيان والخروج عن الحق ، والمراد من الاستمساك بالعروة الوثقى السير على الصراط المستقيم الذي لا يضل سالكه ، تماما كالمتعلق بعروة هي أوثق العرى وأحكمها ، والمراد بلا انفصام لها قوتها وعدم انقطاعها ، ومحصل المعنى ان الايمان بالله عروة وثيقة متينة لا تنقطع أبدا ، وان المتمسك بها لا يضل طريق النجاة ، وفي صحيح مسلم ان رسول الله قال : اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا ، حتى يردا عليّ الحوض. ورواه الترمذي أيضا.
ولكن في زماننا ترك الأمران معا ، واليه أشار الإمام علي (ع) بقوله : يأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ، ومن الإسلام إلا اسمه.
(وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). يسمع كلمة التوحيد من المؤمنين ، وقول الكفر من الكافرين ، ويعلم ما في قلب الاثنين ، ويجزي كلا بأعماله.
(اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ). اختلف المفسرون في المراد من هذه الآية اختلافا كبيرا ، وتولد من بعض الأقوال إشكالات عقائدية ، حتى قال الملا صدرا : ان في المقام اشكالا عظيما يعسر حله على ذوي الافهام ، وقال الشيخ محمد عبده : ان بعض التفاسير هي من تفسير العوام