الخارجة عن القدرة ، تماما كالتصورات الذهنية ، وانما يتعلق الإكراه بالأقوال والأفعال التي يمكن صدورها عن ارادة القائل والفاعل .. اذن ، ما هو الوجه المسوغ للنهي عن الإكراه على الدين؟.
الجواب : ان قوله تعالى : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ). جاء بصيغة الاخبار فان كان هو المراد فلا يتجه السؤال من الأساس ، حيث يكون المعنى ان الدين هو الاعتقاد ، وهو أمر يرجع الى الاقتناع الذي لا إكراه عليه .. وان كان المراد به الإنشاء والنهي عن الإكراه في الدين يكون المعنى ايها المسلمون لا تكرهوا أحدا على قول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله بعد أن قامت الدلائل والبينات على التوحيد والنبوة.
ولكن يتولد من هذا الجواب سؤال جديد ، وهو ان هذا لا يجتمع مع قول الرسول الأعظم (ص) : «أمرت ان أقاتل الناس ، حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فان قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم».
وجوابه : ان الإسلام أجاز القتال لأسباب : منها الدفاع عن النفس ، قال تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) ـ البقرة ١٩٠». ومنها البغي قال تعالى : (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) ـ الحجرات ـ ٩». ومنها اظهار الإسلام ، ولو باللسان من المعاندين له وللمسلمين ، لمصلحة تعود على الجميع ، لا على المسلمين وحدهم ، وهذه المصلحة يقدرها المعصوم ، أو نائبه ، ولا يجوز لأي مسلم كائنا من كان أن يقاتل من أجل النطق بكلمة الإسلام ، أو انتشارها إلا بأمر المعصوم ، أو من ينوب عنه ، وهو الحاكم المجتهد العادل ، وعلى هذه الصورة وحدها يحمل حديث : «أمرت أن أقاتل الناس». أي اني أقاتلهم حين أرى أنا أو من يقوم مقامي ان مصلحة الانسانية تحتم القتال من أجل كلمة لا إله إلا الله ، وفيما عدا ذلك لا يجوز لأحد كائنا من كان ان يكره أحدا على قول لا إله إلا الله .. وتجمل الاشارة الى ان القتال دفاعا عن النفس ، أو عن الدين والحق لا يتوقف على اذن الحاكم ولا غيره. وتقدم الكلام عن ذلك في تفسير الآية ١٩٣ ، فقرة الإسلام حرب على الظلم والفساد.
(قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ). لقد بين الله سبحانه الحق بأوضح بيان ،