على ماله ، ومكنه من استغلاله والانتفاع به ، فيكون حال الربا ، تماما كحال ايجار الأرض والدار والحيوان.
قلنا في جوابه : فرق بعيد بين الايجار والربا ، ذلك ان المستأجر غير مسؤول عن العين المستأجرة إذا تلفت ، أو اعيبت إلا إذا تسبب هو في ذلك ، تماما كالأجنبي ، اما إذا تلف الشيء المقترض ـ بفتح الراء ـ فانه يتلف من مال المستقرض.
و «منها» ان المرابي يربح دائما ، والمستقرض معرّض للخسارة ، وفي النهاية يحتكر المرابي الثروة بكاملها ، وقد تنبه لهذا العيب بعض أساتذة الاقتصاد الغربيين الذين نشأوا في ظل النظام الربوي ، ومن هؤلاء الدكتور شاخت الألماني مدير بنك الرايخ سابقا ، قال من محاضرة ألقاها بدمشق عام ١٩٥٣ :
«يمكننا بعملية رياضية ان نعلم ان جميع المال في الأرض سوف ينتهي الى عدد قليل جدا من المرابين ، وذلك ان الدائن المرابي يربح دائما في كل عملية ، بينما المدين معرض للربح والخسارة ، ومن ثم فان المال كله في النهاية لا بد أن يصير الى الذي يربح دائما ، وهذه النظرية في طريقها الى التحقيق الكامل ، فان معظم ملاك المال يملكه بضعة آلاف. أما جميع الملاك ، وأصحاب المصانع الذين يستدينون من البنوك والعمال وغيرهم فليسوا سوى أجراء ، يعملون لحساب أصحاب المال ، ويجني ثمرة كدهم أولئك الآلاف».
ومن المتخصصين بعلم الاقتصاد من أثبت ان فكرة الربا أساسها ومصدرها الأول اليهود ، وان غيرهم أخذها عنهم .. وليس ذلك ببعيد ، فان تاريخ اليهود القديم والحديث يثبت بأن إلههم ودينهم وشرفهم وسياستهم هو المال وحده لا شريك له ، وان أية وسيلة تؤدي اليه فهي شريفة ونبيلة ، حتى ولو كانت دعارة ، أو تدييثا ، أو قتلا أو سرقة ، أو نفاقا ورياء ، أو أية جريمة ورذيلة.
المعنى :
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ).