ومما رزقناهم ينفقون :
الإنفاق هنا يشمل جميع ما يبذله الإنسان في سبيل الخير زكاة كان ، أو غيرها .. وليس من شك ان البذل في سبيل الخير راجح في ذاته ، ولكن هل : يجب في الأموال شيء غير الزكاة والخمس؟
لقد جاء في طريق السنة ، كما عن الترمذي ، وفي طريق الشيعة كما عن الكافي ان في الأموال حقا آخر. وفسر الإمام جعفر الصادق (ع) هذا الحق بأنه الشيء يخرجه الرجل من ماله ، ان شاء أكثر ، وان شاء أقل على قدر ما يملك ، واستدل بقوله تعالى : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) ـ الذاريات ١٩» .. والآية ٢٤ من سورة المعارج : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ). غير ان أكثر العلماء حملوا ذلك على الاستحباب دون الوجوب إلا الشيخ الصدوق من الشيعة ، حيث نقل عنه القول بأن في الأموال حقا لازما غير الخمس والزكاة ، يخرجه المالك حسب ما يملك كثرة وقلة .. ومهما يكن ، فان الذي لا شك فيه ان بذل المال في سبيل الخير يطهر من الاقذار ، وينجي من عذاب النار ، قال تعالى في الآية ١٠٣ من سورة التوبة : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها).
يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ :
الخطاب الى محمد (ص) ، والمراد (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) القرآن والسنة معا ، لأنه (ص) ما ينطق عن الهوى ان هو إلّا وحي يوحى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
والمراد بما انزل من قبلك الكتب التي نزلت على من سبق من الرسل ، كزبور داود ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى (ع) .. ولا أثر اليوم للايمان بهذه الكتب من الوجهة العملية ، لأنها في عقيدة المسلمين اما غير موجودة ، واما الموجود منها محرّف .. وندع الكلام فيما يتعلق بالأناجيل للمسيحيين أنفسهم ، قرأت في كتاب «فولتر» تأليف «جوستان لانسون» ، ترجمه محمد غنيمي هلال ص ١٩٣ طبعة ١٩٦٢ ما نصه بالحرف الواحد : «كان المعروف من هذه