الأناجيل يبلغ اربعة وخمسين انجيلا ، وكان تحرير الأناجيل الأربعة متأخرا عن ذلك ، والرابع ـ لوقا ـ هو أحدثها».
وقال الياس نجمة في كتاب «يسوع المسيح» ص ١١ طبعة ١٩٦٢ : «ولما رأى الرسل ـ يريد تلاميذ المسيح ـ وتلاميذهم انه من الضروري تدوين بعض تعاليم الرب ، وبعض أعماله ومعجزاته كتبوا بعضا من تلك التعاليم والأعمال والمعجزات ، وهذا ما نسميه بالضبط الإنجيل المكتوب ، فجاء الإنجيل المكتوب واحدا في صور أربع ، أو نصوص أربعة».
وهذا اعتراف صريح بأن الأناجيل الأربعة ليست وحيا بنصها وحروفها ، كما هو الشأن في القرآن ، وانما هي مجرد نقل عن السيد المسيح (ع) ، تماما ككتب الحديث عند المسلمين التي دونوا بها أقوال محمد (ص) واعماله ومعجزاته .. والفارق الوحيد ان رواة الأناجيل الأربعة ، وهم : متى ويوحنا ومرقس ولوقا معصومون عن الخطأ عند المسيحيين لا يجوز الطعن برواياتهم (١). ولا عصمة ولا حصانة لرواة الحديث عن النبي عند المسلمين ، بل لا يجوز الأخذ والعمل بأخبارهم إلا بعد التحقيق والتمحيص ، ولا فرق في منطق العقل بين الأناجيل الأربعة ، وبين كتب الحديث من حيث جواز الطعن بهما معا ، ما دام كل منهما مجرد نقل عن صاحب الرسالة .. أما الفرق بين القرآن والأناجيل فواضح ، لأن القرآن يتحدى الأجيال أن تأتي بسورة من مثله دون جميع الكتب السماوية.
وحاول الياس نجمة أن يدفع هذا الاشكال بقوله في ص ١٢ : «الكنيسة تشهد للانجيل ، والإنجيل يشهد للكنيسة ، وكلاهما يثبت الآخر».
وبديهة ان هذا اثبات للدعوى بالدعوى نفسها ، لأنه تماما كقول من قال : أنا صادق في دعواي ، لأن فلانا يشهد لي بالصدق .. فإذا قيل له : ومن يشهد لفلان بأنه صادق قال : أنا أشهد بذلك .. ومعنى هذا في واقعه ان الشاهد هو
__________________
(١) في ملحق جريدة «النهار» البيروتية ، تاريخ ١٢ ـ ٧ ـ ١٩٦٤ ، مقال مطول ، جاء فيه : ان العلماء المختصين ، والمسيحيين أيضا أثبتوا بالتجربة وبالدماغ الاكتروني ان أكثر الرسائل المنسوبة إلى بولس الرسول المؤسس الأكبر للمسيحية ، ان أكثر هذه الرسائل مزورة .. وبهذه المناسبة لا بأس ان تقرأ التعليق على الآية ٧٩ من هذه السورة.