وَالْأَقْرَبُونَ) إلخ ، على أنّ قوله : (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) خبر عن قوله : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ). وأدخلت الفاء في الخبر لتضمّن الموصول معنى الشرط ، ورجّح هذا بأنّ المشهور أنّ الوقت على قوله : (وَالْأَقْرَبُونَ) وليس على قوله : (أَيْمانُكُمْ). والمعاقدة : حصول العقد من الجانبين ، أي الذين تعاقدتم معهم على أن يكونوا بمنزلة الأبناء أو بمنزلة الإخوة أو بمنزلة أبناء العمّ. والأيمان جمع يمين : إمّا بمعنى اليد ، أسند العقد إلى الأيدي مجازا لأنّها تقارن المتعاقدين لأنّهم يضعون أيدي بعضهم في أيدي الآخرين ، علامة على انبرام العقد ، ومن أجل ذلك سمّي العقد صفقة أيضا ؛ لأنّه يصفّق فيه اليد على اليد ، فيكون من باب (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) [النساء : ٣] ؛ وإمّا بمعنى القسم لأنّ ذلك كان يصحبه قسم ، ومن أجل ذلك سمّي حلفا ، وصاحبه حليفا. وإسناد العقد إلى الأيمان بهذا المعنى مجاز أيضا ؛ لأنّ القسم هو سبب انعقاد الحلف.
والمراد ب (الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) : قيل موالي الحلف الذي كان العرب يفعلونه في الجاهلية ، وهو أن يحالف الرجل الآخر فيقول له «دمي دمك وهدمي هدمك ـ أي إسقاط أحدهما للدم الذي يستحقّه يمضي على الآخر ـ وثأري ثأرك وحربي حربك وسلمي سلمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك وتعقل عنّي وأعقل عنك». وقد جمع هذين الصنفين من الموالي الحصين بن الحمام من شعراء الحماسة في قوله :
مواليكم مولى الولادة منكم |
|
ومولى اليمين حابس قد تقسّما |
قيل : كانوا جعلوا للمولى السدس في تركة الميت ، فأقرّته هذه الآية ، ثم نسختها آية الأنفال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) [الأنفال : ٧٥] قاله ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، وابن جبير ، ولعلّ مرادهم أنّ المسلمين جعلوا للمولى السدس وصية لأنّ أهل الجاهلية لم تكن عندهم مواريث معيّنة. وقيل : نزلت هذه الآية في ميراث الإخوة الذين آخى النبي صلىاللهعليهوسلم بينهم من المهاجرين والأنصار في أول الهجرة ، فكانوا يتوارثون بذلك دون ذوي الأرحام ، ثم نسخ الله ذلك بآية الأنفال ، فتكون هذه الآية منسوخة. وفي أسباب النزول للواحدي ، عن سعيد بن المسيّب ، أنّها نزلت في التبنّي الذي كان في الجاهلية ، فكان المتبنّي يرث المتبني (بالكسر) مثل تبنّي النبي صلىاللهعليهوسلم زيد بن حارثة الكلبي ، وتبنّي الأسود بن عبد يغوث المقداد الكندي ، المشهور بالمقداد بن الأسود ، وتبنّي الخطاب بن نفيل عامرا بن ربيعة ، وتبنّي أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة سالما بن معقل الأصطخري ، المشهور بسالم مولى أبي حذيفة ، ثم نسخ بالمواريث. وعلى القول بأنّ