بذلك التمنّي. وقيل : نزلت هذه الآية بسبب سعد بن الربيع الأنصاري : نشزت منه زوجه حبيبة بنت زيد بن أبي زهير فلطمها فشكاه أبوها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأمرها أن تلطمه كما لطمها ، فنزلت الآية في فور ذلك ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أردت شيئا وأراد الله غيره ، ونقض حكمه الأول ، وليس في هذا السبب الثاني حديث صحيح ولا مرفوع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ولكنّه ممّا روي عن الحسن ، والسدّي ، وقتادة.
والفاء في قوله : (فَالصَّالِحاتُ) للفصيحة ، أي إذا كان الرجال قوّامين على النساء فمن المهمّ تفصيل أحوال الأزواج منهنّ ومعاشرتهنّ أزواجهنّ وهو المقصود ، فوصف الله الصالحات منهن وصفا يفيد رضاه تعالى ، فهو في معنى التشريع ، أي ليكنّ صالحات. والقانتات : المطيعات لله. والقنوت : عبادة الله ، وقدّمه هنا وإن لم يكن من سياق الكلام للدلالة على تلازم خوفهنّ الله وحفظ حقّ أزواجهنّ ، ولذلك قال : (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) ، أي حافظات أزواجهنّ عند غيبتهم. وعلّق الغيب بالحفظ على سبيل المجاز العقلي لأنّه وقته. والغيب مصدر غاب ضدّ حضر. والمقصود غيبة أزواجهنّ ، واللام للتعدية لضعف العامل ، إذ هو غير فعل ، فالغيب في معنى المفعول ، وقد جعل مفعولا للحفظ على التوسّع لأنّه في الحقيقة ظرف للحفظ ، فأقيم مقام المفعول ليشمل كلّ ما هو مظنّة تخلّف الحفظ في مدّته : من كلّ ما شأنه أن يحرسه الزوج الحاضر من أحوال امرأته في عرضه وماله ، فإنّه إذا حضر يكون من حضوره وازعان : يزعها بنفسه ويزعها أيضا اشتغالها بزوجها أمّا حال الغيبة فهو حال نسيان واستخفاف ، فيمكن أن يبدو فيه من المرأة ما لا يرضي زوجها إن كانت غير صالحة أو سفيهة الرأي ، فحصل بإنابة الظرف عن المفعول إيجاز بديع ، وقد تبعه بشّار إذ قال :
ويصون غيبكم وإن نزحا
والباء في (بِما حَفِظَ اللهُ) للملابسة ، أي حفظا ملابسا لما حفظ الله ، و (ما) مصدرية أي بحفظ الله ، وحفظ الله هو أمره بالحفظ ، فالمراد الحفظ التكليفي ، ومعنى الملابسة أنهنّ يحفظن أزواجهنّ حفظا مطابقا لأمر الله تعالى ، وأمر الله يرجع إلى ما فيه حقّ للأزواج وحدهم أو مع حقّ الله ، فشمل ما يكرهه الزوج إذا لم يكن فيه حرج على المرأة ، ويخرج عن ذلك ما أذن الله للنساء فيه ، كما أذن النبي صلىاللهعليهوسلم هندا بنت عتبة : أن تأخذ من مال أبي سفيان ما يكفيها وولدها بالمعروف. لذلك قال مالك : إنّ للمرأة أن تدخل الشهود إلى بيت زوجها في غيبته وتشهدهم بما تريد وكما أذن لهن النبي أن