والرجل ، إذ التفرقة بينهما لا وجه لبقائها ، إذ كلاهما قد خرق حكما شرعيا تبعا لشهوة نفسية أو طاعة لغيره.
ثم إنّ الجلد المعيّن شرع بآية سورة النور مطلقا أو عامّا على الاختلاف في محمل التعريف في قوله : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) [النور : ٢] ؛ فإن كان قد وقع العمل به كذلك في الزناة والزواني : محصنين أو أبكارا ، فقد نسخه الرجم في خصوص المحصنين منهم ، وهو ثابت بالعمل المتواتر ، وإن كان الجلد لم يعمل به إلّا في البكرين فقد قيّد أو خصّص بغير المحصنين ، إذ جعل حكمهما الرجم. والعلماء متّفقون على أنّ حكم المحصنين من الرجال والنساء الرجم. والمحصن هو من تزوّج بعقد شرعي صحيح ووقع البناء بعد ذلك العقد بناء صحيحا. وحكم الرجم ثبت من قبل الإسلام في شريعة التوراة للمرأة إذا زنت وهي ذات زوج ، فقد أخرج مالك ، في «الموطأ» ، ورجال الصحيح كلّهم ، حديث عبد الله بن عمر : أنّ اليهود جاءوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكروا له أنّ رجلا وامرأة زنيا ، فقال رسول الله «ما تجدون في التوراة في شأن الرجم» فقالوا «نفضحهم ويجلدون» فقال عبد الله بن سلام «كذبتم إنّ فيها الرجم» فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له عبد الله بن سلام «ارفع يدك» فرفع يده فإذا فيها آية الرجم. فقالوا : «صدق يا محمد فيها آية الرجم» فأمر بهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرجما وقد ذكر حكم الزنا في سفر التثنية (٢٢) فقال «إذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة زوجة بعل يقتل الاثنان ، وإذا وجد رجل فتاة عذراء غير مخطوبة فاضطجع معها فوجدا ، يعطي الرجل الذي اضطجع معها لأبي الفتاة خمسين من الفضّة وتكون هي له زوجة ولا يقدر أن يطلّقها كلّ ايّامه».
وقد ثبت الرجم في الإسلام بما رواه عبادة بن الصامت أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «خذوا عني خذوا عني. قد جعل الله لهنّ سبيلا ، البكر بالبكر ضرب مائة وتغريب عام ، والثيّب بالثيّب جلد مائة والرجم». ومقتضاه الجمع بين الرجم والجلد ، ولا أحسبه إلّا توهّما من الراوي عن عبادة أو اشتبه عليه ، وأحسب أنّه لذلك لم يعمل به العلماء فلا يجمع بين الجلد والرجم. ونسب ابن العربي إلى أحمد بن حنبل الجمع بين الرجم والجلد. وهو خلاف المعروف من مذهبه. وعن علي بن أبي طالب أنه جمع بين الجلد والرجم. ولم يصحّ. ثم ثبت من فعل النبي صلىاللهعليهوسلم في القضاء بالرجم ثلاثة أحاديث : أوّلها قضيّة ماعز بن مالك الأسلمي ، أنّه جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاعترف بالزنا فأعرض عنه ثلاث مرّات ثم بعث