إلى أهله فقال : به جنون؟ قالوا : لا ، وأبكر هو أم ثيّب؟ قالوا : بل ثيّب. فأمر به فرجم.
الثاني : قضيّة الغامدية ، أنّها جاءت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاعترفت بالزنا وهي حبلى فأمرها أن تذهب حتّى تضع ، ثم حتّى ترضعه ، فلمّا أتمّت رضاعه جاءت فأمر بها فرجمت.
الثالث : حديث أبي هريرة ، وخالد الجهني ، أنّ رجلين اختصما إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقال أحدهما : يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله. وقال الآخر ـ وهو أفقههما ـ : أجل يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله واذن لي في أن أتكلّم؟ قال : تكلّم. قال : إنّ ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ، ثم إنّي سألت أهل العلم فأخبروني أنّما على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وأخبروني أنّما الرجم على امرأته ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أما والذي نفسي بيده لأقضينّ بينكما بكتاب الله ، أمّا غنمك وجاريتك فردّ عليك ـ وجلد ابنه مائة وغربه عاما ـ واغد يا أنيس (هو أنيس بن الضّحاك ويقال ابن مرثد الأسلمي) على زوجة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ، فاعترفت فرجمها. قال مالك والعسيف الأجير. هذه الأحاديث مرسل منها اثنان في «الموطأ» ، وهي مسندة في غيره ، فثبت بها وبالعمل حكم الرجم للمحصنين ، قال ابن العربي : هو خبر متواتر نسخ القرآن. يريد أنّه متواتر لدى الصحابة فلتواتره أجمعوا على العمل به. وأمّا ما بلغ إلينا وإلى ابن العربي وإلى من قبله فهو أخبار آحاد لا تبلغ مبلغ متواتر ، فالحقّ أنّ دليل رجم المحصنين هو ما نقل إلينا من إجماع الصحابة وسنتعرّض إلى ذلك في سورة النور ، ولذلك قال بالرجم الشافعي مع أنّه لا يقول بنسخ القرآن بالسّنة.
والقائلون بأنّ حكم الرجم ناسخ لحكم الحبس في البيوت قائلون بأنّ دليل النسخ هو حديث قد : (يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) وفيه (والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام) فتضمنّ الجلد ، ونسب هذا القول للشافعي وجماعة ، وأورد الجصّاص على الشافعي أنّه يلزمه أنّ القرآن نسخ بالسنّة ، وأنّ السنّة نسخت بالقرآن ، وهو لا يرى الأمرين ، وأجاب الخطابي بأنّ آية النساء مغياة ، فالحديث بيّن الغاية ، وأنّ آية النور نزلت بعد ذلك ، والحديث خصّصها من قبل نزولها. قلت : وعلى هذا تكون آية النور نزلت تقريرا لبعض الحكم الذي في حديث الرجم ، على أنّ قوله : إنّ آية النساء مغيّاة ، لا يجدي لأنّ الغاية المبهمة لمّا كان بيانها إبطالا لحكم المغيّا فاعتبارها اعتبار النسخ ، وهل النسخ كلّه إلّا إيذان بوصول غاية الحكم المرادة لله غير مذكورة في اللفظ ، فذكرها في بعض الأحكام على إبهامها لا يكسو النزول غير شعار النسخ. وقال بعضهم شرع الأذى ثم نسخ بالحبس في