قال : سنة اثنتين وثمانين ومائة فيها مات علي بن يقطين بن موسى الكوفي مولى بني أسد ويكنى أبا الحسن ببغداد ، وهو ابن سبع وخمسين سنة ، وأبوه يومئذ حي.
قرأت في كتاب محمد بن إسحاق النديم بخطه قال : توفي علي بن يقطين بمدينة السلام سنة اثنتين وثمانين ومائة وسنه سبع وخمسون سنة ، وصلى عليه ولي العهد محمد بن الرشيد ، وتوفي أبوه بعده في سنة خمس وثمانين ومائة ، ولعلي بن يقطين كتاب ما سأل عنه الصادق من أمور الملاحم ، وكتاب مناظرته للشاك بحضرة جعفر.
من ساكني دار الخلافة المعظمة ، كان شاعرا لطيف الشعر ومترسلا مليح النثر ، روى عنه [أبو] (٢) الوفاء بن عقيل الفقيه في كتاب «الفنون» من جمعه وأبو الفضل بن ناصر.
وأنبأنا أبو القاسم الأزجي عن أبي الوفاء علي بن عقيل الفقيه قال : حدثني الرئيس أبو الثناء بن يلدرك وهو ممن خبر به بالصدق أنه كان في سوق [نهر] (٣) المعلى وبين يديه رجل على رأسه قفص زجاج وذلك الرجل مضطرب المشي فظهر منه عدم المعرفة بالحمل ، فما زلت أترقب منه سقطة لما رأيت من اضطراب مشيه ، فما لبث أن زلق زلقة طاح منها القفص فتكسر جميع ما كان فيه ، فبهت الرجل ثم أخذ عند (٤) الإفاقة من البكاء يقول : هذا والله! جميع بضاعتي ، والله! لقد أصابني بمكة مصيبة عظيمة توفى على هذه ما دخل قلبي مثل هذه ، واجتمع حوله جماعة يرثون له ويبكون عليه ، فقالوا : ما الذي أصابك بمكة؟ فقال : دخلت قبة زمزم وتجردت لاغتسال وكان في يدي دملج فيه ثمانون مثقالا فخلفته واغتسلت وأنسيته وخرجت ، فقال رجل من الجماعة : هذا دملجك ، له معي سنين ، فدهش الناس من إسراع جبر مصيبته.
أنشدنا الزنبيل الأديب علي بن أبي منصور ويلدرك الكاتب رفيقنا في سماع الفقه عند أبي الوفاء بن عقيل في مجلسه من لفظه وحفظه قال : أنشدني بعض من أثق إليه للأحنف العكبري :
__________________
(١) انظر ترجمته في : مرآة الزمان ٨ / ٩٩. والمستفاد للدمياطي ص ٢٠٤. والمنتظم.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من المصادر.
(٤) في الأصل : «عنه».