وعاد في سنة تسع وخمسين إلى الوزير متظلما شاكيا متألما ، وأنشده وأنا حاضر قصيدة مقتصدة في أسلوبها ، مستجيرا به من الليالي وخطوبها ، فيها بيتان جعلهما لتلك الكلمة مقطعا ، ما ألطفهما معا ، وهما :
أجرني على الدهر فيما بقي |
|
بقيت فما قد مضى قد مضى |
فلست أبالي بسخط الزمان |
|
وأنت تراني بعين الرضا |
قال : ويبدد سلكه ولد بعد ملكه وسافر إلى مصر ، كأنما ساقه القدر بها إلى القبر ، لكنه عاش فيها مديدة في ظل الكرامة ، وانتقل إلى دار الخلد والبقا ، والسلامة.
أنبأنا أبو سعد الحسن بن محمد بن حمدون الكاتب ونقلته من خطه ، قال لأبي القاسم علي بن محمد بن يحيى العلوي الكوفي في معذر :
خلعت في حبه عذارى |
|
للبسه خلعة العذار |
كأنها إذا بدت عليه |
|
خطة ليل على نهار |
قال : وله أيضا :
لله معسول الثنايا وأصبح |
|
مجدول (١) ما تحوى الغلائل أهيف |
ظلمت محياه اللحاظ بما جنت |
|
فيه فالأولى أنه لا ينصف |
أنكرت قلبي حين أنكر وده |
|
وعرفت في جنبيه (٢) من لا أعرف |
من أهل دمشق ، كان يتولى القضاء بها هو وأبوه وجده ، وكان فقيها فاضلا أديبا عالما مليح الخط ، موصوفا بحسن السيرة والعفة والنزاهة والصلاح والديانة ، سمع الحديث بدمشق من أبي محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني ، وعبد الكريم بن حمزة الحداد ، وطاهر بن سهل الأسفراييني ، وأبي الحسن علي بن الحسن بن الحسين ، وعلي
__________________
(١) في الأصل بدون نقط.
(٢) في الأصل : «حببه».
(٣) انظر ترجمته في : العبر في خبر من غبر ٤ / ١٨٨. وشذرات الذهب ٤ / ٢١٣.