وقالوا لم بكيت دماً ودمعاً |
|
وقد أولاك بعد العسر يسرا |
فقلت بفرحتي برضاه عني |
|
نثرت عليه ياقوتاً ودرا |
كان والده مدرسا بالمدرسة ببغداد ، وسيأتي ذكره إن شاء الله ، ولد على هذا ببغداد ونشأ بها وتفقه على والده ، وسمع مسند أبي عبد الله الشافعي من أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي ، ثم أنه سافر إلى الشام وهو شاب وتوجه إلى ديار مصر واستوطنها إلى حين وفاته ، وولى بها قضاء القضاة مرتين ثم عزل ، وكان شيخا حسن الأخلاق محبا للعلم وأهله ، متواضعا لطلابه ، كريم الأخلاق متوددا كيّسا ، وكانت بضاعته في العلم مزجاة ، لقيته بمصر ، وقرأت عليه مسند الشافعي عند قبره بالقرافة ، وكان صدوقا جليلا.
أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن يوسف الدمشقي بقراءتي عليه عند قبر الشافعي بمصر قلت له : أخبرك أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد؟ فأقر به أنبأنا أبو الحسن مكي بن منصور بن علان الكرخي ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي ، أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم ، أنبأنا الربيع بن سليمان ، أنبأنا الشافعي ، أنبأنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة» (١).
سألت القاضي علي بن يوسف عن مولده فقال : ولدت ببغداد في درب السلسلة في رجب سنة خمسين وخمسمائة ، وخرجت من بغداد في سنة سبع وسبعين.
وتوفي يوم الأحد الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وستمائة في داره بالقاهرة ، ودفن من الغد بالقرافة ، وكنت هناك فلم يتفق لي الصّلاة عليه.
ذكر أبو الحسن محمد بن العباس بن الفرات أنه توفى في يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ، قال : ومولده سنة ثمانين ومائتين.
سمعت منه مصنفات أبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال وغير ذلك ، ولم يسمع منه إلا نفر يسير.
__________________
(١) انظر الحديث في : مسند الإمام أحمد ٢ / ٩٨