قلت : موعظة أحفظها عنك! قال : نعم إن شاء الله ، احفظ عني خمس خصال إنك إن حفظتها لا تبالي ما أضعت بعدها ، قلت : [نعم ، قال] (١) عانق الفقر وتوسد الصبر وعاد الشهوات وخالف الهوى وأفزع إلى الله في جميع أمورك ، قلت : فإذا كنت كذلك؟ قال : يهب الله لك خمسا : الزهد ومع الزهد القنوع ومع القنوع الرضا ومع الرضا المعرفة ومع المعرفة الشوق ، ثم يهب لك خمسا : السباق والبدار والتخفف وحسن البشارة وحسن المنقلب إلى الله ، أولئك أحباء الله ، قلت : فأين ترى لي أن أسكن؟ قال : ارحل نحو لكام ، قلت : فهل شيء أعيش به؟ قال : فمقت في وجهي فقال : تفر إلى الله بذنبك وتستبطئه في رزقك ، فلا والله ما أدري دخل البحر أم لا.
ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب «تاريخ الصوفية» من جمعه ، وذكر أنه بغدادي من أستاذي الجنيد ، كان الجنيد يثنى عليه.
أحد شيوخ الصوفية ، صاحب أسفار كثيرة على التجريد وقطع البادية ، ذكره أبو العباس النسوي في «تاريخ الصوفية» من جمعه.
كتب إليّ أبو الفتوح العجلي : أن أبا طاهر الحسن آبادي أخبره ، أنبأنا أبو بكر أحمد ابن الفضل الباطرقاني قراءة عليه ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي بمكة قال : سمعت أبا عثمان مسعود بن صدقة النصيبي يقول : سمعت أبا بكر المصري يقول : قلت لأبي الحسن النصيبي : دخلت بغداد؟ نعم ، قلت : كيف رأيت البغداديين؟ فقال : رأيت النساء تنطق بغرائب العلوم ، قال : فلما وقعت بيني وبينهم المؤانسة ، فقال لي أبو القاسم جنيد : لو جلست الساعة عن السفر فإنك قد ضعفت عنه ، فقلت : يا أبا القاسم ما اختلف الفقهاء في الماء الجاري دائما وإنما اختلفوا في الماء الواقف ، فقال : يا أبا الحسن إذا كنت واقفا فكن بحرا لا يغيرك شيء.
كان من أعيان الصوفية ، مات ببغداد في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ، حدث عنه أبو عبد الله بن باكويه.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين زيد من الحلية ١٠ / ١١١.