من أهل جرجان ، سافر الكثير ، وطاف البلاد في طلب الكسب ، ثم إنه قدم بغداد واستوطنها ، وكان يسكن بدار الخلافة ، وكان من أعيان التجار مكثرا من المال ، سمع شيئا من الحديث من أبي الفضل أحمد بن سعيد الميهني ، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وغيرهما ، وحدث ببغداد ودمشق ، علقت عنه شيئا من الأناشيد ببغداد في مجلس شيخنا أبي أحمد بن سكينة ، وكان شيخنا (١) متميزا ، ذا فهم وفضل ، وله معرفة بالأصول على مذهب الأشعري ، وأنس وفصاحة ، وكان حسن الخلق (٢) والخلق ، مليح الشيبة مهيبا وقورا.
أنشدنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي الجرجاني من حفظه ، أنشدنا أبو الفتح محمد بن محمد بن الأديب لنفسه من قصيدة يمدح بها أبا الفضل يحيى بن عبد الله بن جعفر صاحب المحزن (٣) :
لكل زمان من أماثل أهله |
|
برامكة بمناخهم (٤) كل معشر |
أبو الفضل يحيى مثل يحيى بن خالد |
|
ندى وأبوه جعفر مثل جعفر |
سألت أبا الحسن الجرجاني عن مولده فقال : ولدت بجرجان في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وتوفي ليلة السبت السادس والعشرين من رجب سنة أربع وستمائة ، وصلّي عليه من الغد بالمدرسة النظامية ودفن بمقابر قريش.
من أهل المدائن ، كان أديبا فاضلا ، يقول الشعر ، وله معرفة بالطب ، ويعالج الناس ، وكان دمثا طيب الأخلاق ، مطبوعا متواضعا ، كان يقدم علينا بغداد كثيرا ، وقد علقت عنه شيئا من شعره بإفادة أبي عبد الله محمد بن سعيد الواسطي الحافظ برباط المأمونية ، وبلغنا أنه توفي بالمدائن فجأة في العشر الآخر من شهر رمضان من سنة ست وستمائة ، ولعله جاوز الستين.
__________________
(١) في الأصل : «أبي أحمد بن سكينة ، وكان شيخنا».
(٢) في الأصل : «الحلق».
(٣) هكذا في الأصل.
(٤) في الأصل بدون نقط.