وجوب الاحتياط في التكليف المجهول لو فرض دلالة الأدلة الشرعية عليه ، لأن العقاب على التكاليف حينئذ يكون بعد إرسال الرسول ، فيكون دليل وجوب الاحتياط رافعا لموضوعها.
نعم ، لو كان مفادها توقف العقاب على إرسال الرسول ببيان نفس التكليف المعاقب عليه كانت منافية كذلك ، لأن دليل وجوب الاحتياط وإن كان بيانا لوجوب الاحتياط إلّا أن العقاب ليس عليه ، لأنه حكم طريقي ، وليس العقاب إلا على التكليف الواقعي المجهول ودليل وجوب الاحتياط لا يكون بيانا له ، فينافي الآية.
إلا أنها غير دالة على ذلك ، بل على اشتراط العقاب بالبيان في الجملة وإن كان على وجوب الاحتياط.
ثم إن هناك بعض الآيات الأخر ذكرها شيخنا الأعظم قدّس سرّه ، ويظهر ضعف الاستدلال بها مما ذكره قدّس سرّه وذكرناه في تعقيب كلامه ، فلا ينبغي إطالة الكلام فيها ، وإن كانت هي لا تخلو عن إشعار وتأييد للمطلب ، ككثير من الآيات الواردة في إقامة الحجة على العباد ، يضيق المقام عن استقصائها.
وأما السنة فقد يستدل منها بأحاديث ..
الأول : ما روي من قوله : «الناس في سعة ما لا يعلمون» (١) ، بناء على أن (ما) مصدرية ظرفية. إذ تكون الرواية حينئذ مسوقة لبيان الأصل الأولي المذكور ، الذي لا ينافي وجوب الاحتياط لدليل شرعي موجب للعلم ، لإطلاق العلم فيها لما يشمل ذلك ، ولا تدل على عدم ارتفاع السعة إلا بالعلم بخصوص الحكم الواقعي الذي هو مورد العقاب.
نعم ، لو كانت (ما) موصولة قد اضيفت إليها السعة كانت دالة على ثبوت
__________________
(١) لم نعثر عليه ، سوى ما في عوالي اللئالي ج ١ ، ص ٤٢٤ ، وقال النبي صلّى الله عليه وآله : «إن الناس في سعة ما لم يعلموا».