رأسا ، بل مقتضى إطلاق دليل التكليف ثبوته.
وكأن هذا هو مراد شيخنا الأعظم قدّس سرّه ، وهو الذي ارتكز في ذهن غيره ممن تقدم ، إلا أنه لما لم يلائم مبانيهم اضطربت كلماتهم في المقام ، ولم تنهض بتوجيه مرادهم.
بقي في المقام أمران :
الأول : أنه لا فرق في وجوب الاحتياط مع الاضطرار إلى غير المعين بين سبق الاضطرار على التكليف المعلوم بالاجمال أو على العلم الإجمالي نفسه ولحوقه لهما ، لأن الترخيص الناشئ من الاضطرار لما لم يناف التكليف فهو لا يمنع من تنجزه بالعلم وإن كان الاضطرار سابقا ، فيجب لأجله الاحتياط في بقية الأطراف.
كما أنه بناء على عدم وجوب الاحتياط لا يفرق أيضا بين الصور المذكورة ، لابتنائه على منافاة الترخيص المذكور للتكليف ورفعه له ، ولا فرق بين سبق الاضطرار ولحوقه في كونه موجبا للترخيص المذكور.
غايته أن سبقه مانع من حدوث التكليف ولحوقه رافع له بعد ثبوته وتنجيزه ، ولا أثر لذلك في وجوب الاحتياط ، إذ ليس المحتمل بعد رفع الاضطرار إلا رجوع التكليف بعد ارتفاعه ، ولا إشكال في كونه مجرى البراءة.
الثاني : تقدم في صدر هذا الفصل أن للتكليف مراحل ثلاثا مترتبة في نفسها : جعله ، وتنجزه ، ووجوب إطاعته.
ومرجع القول بعدم وجوب الاحتياط إلى كون الاضطرار مانعا من جعل التكليف ، فلا يبقى موضوع لتنجزه وإطاعته.
أما القول بوجوب الاحتياط فهو يرجع إلى نحو من التصرف في بعض هذه المراحل حسب اختلاف الوجوه المتقدمة.
فمقتضى الوجهين الأولين كون الاضطرار موجبا لثبوت التكليف في