بين الدليلين بالنظر لأنفسهما يكون له الجمع بينهما بعد حمل أحدهما على ما يناسب الدليل الثالث إذا كان دخيلا بنظره في قرينية أحدهما على الآخر.
وحيث ظهر عدم الضابط لذلك فالمناسب التعرض لبعض الفروض المذكورة في كلماتهم ، لأهميتها وإن لم يسع المجال التعرض لجميع ما ذكروه ..
الأول : ما إذا ورد عام وخاصان بينهما عموم من وجه ، وهو أول الفرضين المتقدمين في صدر المسألة.
ولا ينبغي التأمل في تخصيصه بهما معا ، لأن ظهوره في استيعاب أفراد كل منهما أضعف من ظهور كل منهما في استيعاب أفراده ، وهو ملاك التقديم في سائر موارد التخصيص.
ولا يخل بذلك اجتماعهما في بعض الأفراد ، أما مع عدم تنافيهما فيه لاتفاقهما في الحكم ـ كما في المثال المتقدم ـ فظاهر ، وأما مع تنافيهما فيه لاختلافهما في الحكم ـ كما لو ورد : يجب إكرام العلماء ، ويستحب إكرام العالم الذي لا ينتفع بعلمه ، و : يحرم إكرام العالم الفاسق ـ فكذلك لو كان أحد الخاصين أقوى ظهورا من الآخر ومقدما عليه في مورد الاجتماع ، لاستلزام ذلك أقوائيته من العام وتعينه لتخصيصه والحجية في مورده.
وأما لو تساويا وتساقطا في مورد الاجتماع فلأن سقوط كل منهما عن الحجية في مدلوله المطابقي لا ينافي حجيتهما معا في نفي حكم العام المخالف لهما.
وما تكرر منا من عدم حجية المتعارضين في نفي الثالث مختص بالمتعارضين المتصادمين عرفا ، اللذين لا يصلح كل منهما عرفا لبيان المراد من الآخر والقرينية عليه ، ولا يجري في مثل العامين من وجه مما كان كل منهما صالحا للقرينية على الآخر وحمله على ما يناسبه ، والتوقف عنهما لعدم تعين أحدهما للقرينية لعدم الأظهر في البين ، إذ في مثل ذلك يصلحان عرفا لبيان نفي