الأمر الرابع : حيث سبق أن ملاك الجمع العرفي ترجيح أقوى الظهورين وتنزيل أضعفهما عليه ، فتشخيص ذلك موكول لنظر الفقيه عند الابتلاء بالأدلة ، لعدم انضباط القرائن الداخلية في ظهور الكلام بنحو يتيسر إعطاء الضوابط العامة المستوعبة ، وقد تكفلت بعض مباحث الاصول اللفظية بيان القاعدة في خصوص بعض الظهورات كالعام والخاص ، والمطلق والمقيد.
كما تعرض غير واحد في مباحث التعارض للكلام في بعض آخر وقواعد خاصة لم تبوب هناك ، لعدم اختصاصها ببعض تلك المباحث ، بل هي ببحث الجمع العرفي أنسب ..
منها : تعارض العموم الوضعي والإطلاقي بنحو العموم من وجه ، حيث يدور الأمر بين تقييد المطلق وتخصيص العموم.
فقد جزم شيخنا الأعظم قدّس سرّه بترجيح التقييد ، بناء على استلزامه المجاز في المطلق ، لعدم إفادة الإطلاق العموم بالوضع ، بل بمقدمات الحكمة ، كما هو المعروف عند محققي المتأخرين.
ومرجع ما ذكره في توجيه ذلك إلى أن مقتضي البناء على العموم لما كان هو الوضع فلا مجال لرفع اليد عنه بالإطلاق الذي يكون مقتضي البناء على العموم فيه مقدمات الحكمة ، لعدم تمامية المقدمات المذكورة مع العموم ، لأن منها عدم البيان ، والعموم ـ بعد تمامية مقتضيه وعدم ثبوت المانع منه ـ بيان ، فلا يبقى معه مقتضي الإطلاق.
وقد دفعه المحقق الخراساني قدّس سرّه بأن عدم البيان الذي هو من مقدمات الحكمة هو عدم البيان في مقام التخاطب المفروض عدمه في المقام لا عدم البيان مطلقا ولو منفصلا ، بل البيان المنفصل من سنخ المانع من الإطلاق بعد تمامية مقتضيه ، كالتخصيص المنفصل للعام ، فلا يكون العام في الفرض رافعا لمقتضي الإطلاق ، بل كل منهما مانع من تأثير مقتضي الآخر بعد تماميته ، ولا بد