وما أكثر ما خرجوا عن مبانيهم العامة في طرق الاستدلال بالأدلة أو الأصول العملية في خصوص بعض الموارد غفلة عن كبريات تلك المباني أو عن صغرياتها ، أو للاقتناع بالحكم بنحو يكون الاستدلال عليه للاستظهار على الدعوى ، لا لتوقف معرفته عليه ، حيث قد يوجب ذلك الغافلة أو التسامح في الاستدلال ، من دون أن يخل ذلك بمعرفة مبانيهم العامة وقواعدهم المسلمة بينهم المعول عليها عندهم. ونسأله سبحانه وتعالى العصمة من الزلل في القول والعمل.
المسألة الثانية : الدليلان المتعارضان بظاهرهما إذا كان كل منهما صالحا للقرينية على الآخر عرفا من دون يتعين أحدهما لها ـ كالعامين من وجه والدليلين اللذين يكون أحدهما ظاهرا في الوجوب قابلا للحمل على الاستحباب والآخر بالعكس ـ فقد سبق أنهما حجة في نفي الثالث ، لأنهما بحكم المجمل المردد بين وجهين الذي له متيقن في البين ، حيث لا يمنع إجماله من حجيته في المتيقن.
وأما بالإضافة إلى مورد التعارض فهو يبتني على شمول أخبار العلاج لمثل هذا التعارض ، حيث قد يدعى قصورها عنه ، لعدم التصادم عرفا بين الخبرين ، بل بين ظهوريهما ، فلا مخرج عن أصالة الصدور في كل منهما ، المقتضية للتساقط ، حيث يكونان كالكلام الواحد الذي تصادم فيه ظاهران في البناء على الإجمال ، غايته أن الإجمال في الكلام الواحد بدوي ، وفي الكلامين من المذكورين عرضي.
لكنه يندفع بما سبق من أن أكثر نصوص العلاج قد تضمن عنوان الاختلاف الصادق في موارد الجمع العرفي ، فضلا عن محل الكلام ، وإنما انصرفت عن موارد الجمع العرفي بقرينة ظهور السؤال فيها في التحير وعدم معرفة الوظيفة العملية من المتعارضين ، وهذا لا يجري في محل الكلام ، فيلزم