النوعي ـ إنما تنهض بنفي الأحكام الحرجية ، لا بتشريع أحكام يتدارك بها الحرج ، ولا يكفي في رفع الحرج في المقام نفي حجية فتوى الأعلم تعيينا ، بل لا بد فيه من إثبات الحجية لغير الأعلم تخييرا.
وكذا الحال في ما تضمن أن الأحكام الشرعية ليست بنحو يلزم منه الحرج نوعا لو فرض كون الحرج في المقام نوعيا غالبيا.
نعم ، قد يقطع بعدم جعل الشارع للتقليد بنحو لا يفي بحاجة المكلفين ويحتاج معه للاحتياط الموجب الحرج ، نظير ما تقدم في وجه التخيير مع التساوي ، وذلك لا يقتضي عدم لزوم الترجيح بالأعلمية تبعا للسيرة مع عدم لزوم الحرج من معرفة الأعلم ، حيث لا يلزم الاحتياط حينئذ. وربما يأتي ما يتعلق بالمقام عند الكلام في حكم الشك في الأعلمية.
وينبغي التنبيه على امور ..
الأول : لما كان المعيار في العلمية في كبرى التقليد هو قوة الحدس المستند لمقدمات الاستنباط بمعرفة المباني الاصولية ونحوها مما يرجع إليه الفقيه ، والقدرة على تشخيص صغرياتها ، وفهم الأدلة ، والاستظهار منها ، ومعرفة الجمع بينها ، كان المعيار في الأعلمية التفاضل في ذلك ، فالأعلم هو الذي تكون مبانيه الاصولية أقوى وكبريات استدلاله أنسق ، ويكون أقدر على تشخيص صغرياتها ، وأقوى على فهم الأدلة ، والاستظهار منها ، والجمع بينها ، فيكون أقوى استدلالا.
وإليه يرجع ما قيل من رجوعها لقوة الملكة ، قال سيدنا الأعظم قدّس سرّه : «المراد به الأعرف في تحصيل الوظيفة الفعلية عقلية كانت أم شرعية ، فلا بد أن يكون أعرف في أخذ كل فرع من أصله».
أما تشخيص ذلك فهو مما قد يقدر عليه بعض أهل العلم ممن يكون جيد النظر في نفسه خبيرا بآراء العلماء الذين يبحث عن التفاضل بينهم محيطا