الثاني : الشهرة.
وقد انفردت بها من النصوص السابقة مقبولة عمر بن حنظلة ومرفوعة زرارة ، كما تضمنها مرسل المفيد الآتي في الترجيح بموافقة الكتاب ، وحيث سبق عدم التعويل على المرفوعة ، كما أن المرسل لا ينهض بالاستدلال ينحصر الدليل على الترجيح بها بالمقبولة.
ولا ينبغي التأمل في أن المراد بها الشهرة في الرواية ، كما هو مقتضى إضافة الإجماع والشهرة إليها ـ لا إلى الحكم الذي تضمنته ـ في المقبولة والمرفوعة ، بل ظاهر المقبولة أن المراد بالشهرة ما يساوق الإجماع ومع فرضها في كلا المتعارضين مع وضوح امتناعه في الفتويين المتعارضتين معا ، وإنما يمكن في الروايتين ، بأن يكون كل منهما مجمعا على روايته معروفا عند الأصحاب مشهورا بينهم.
ومن هنا استشكل بعض مشايخنا في كون الإرجاع إليها ترجيحا بين الحجتين ، بدعوى : أن شهرة الرواية توجب العلم بصدورها ، فيكون المعارض لها مخالفا للسنة القطعية ويسقط عن موضوع الحجية ، لأن المراد بمخالفة السنة المسقطة للخبر عن الحجية مخالفة سنة المعصوم لا خصوص سنة النبي صلّى الله عليه وآله فالمقام من تعيين الحجة عن اللاحجة الخارج عن محل الكلام.
وفيه .. أولا : أن حمل مخالفة السنة على مطلق سنة المعصوم لا يخلو عن إشكال بعد اختصاص النص بسنة النبي صلّى الله عليه وآله.
وما تضمن أن كلامهم عليهم السّلام مأخوذ من كلامه صلّى الله عليه وآله وأنهم خلفاؤه المعبرون عنه والناطقون بعلمه ، إنما ورد لبيان حجية كلامهم عليهم السّلام ووجوب الرجوع له ككلامه صلّى الله عليه وآله ، ولا ينافي اختصاص العرض المقصود به جعل الضابط لحجية الأخبار بسنته صلّى الله عليه وآله التي لا يحتمل فيها التقية ، والتي تمتاز بمكانة سامية في نفوس المسلمين تجعلها سببا للتشهير بمخالفها والتنفير عنه ، بخلاف