دلالة التزامية مناقضة لدلالة الآخر ، لإمكان ثبوت التكليف على طبقهما معا أو عدمه كذلك ، لم يكونا متعارضين ، وإلا كان كل منهما موافقا للاحتياط من جهة ومخالفا له من جهة اخرى.
وتنزيل الموافقة للاحتياط والمخالفة له على ما يعم ذلك ـ مع مخالفته لإطلاقهما ـ لا يناسب الترديد بينهما للتلازم بينهما حينئذ. إلا أن يكون الملحوظ فيهما المدلول المطابقي فقط. والأمر سهل بعد ما ذكرنا.
التاسع : ترجيح المحكم على المتشابه.
ففي الصحيح عن أبي حيون مولى الرضا عنه عليه السّلام : «قال : من رد متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم. ثم قال : إن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن ومتشابها كمتشابه القرآن ، فردوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا (١)» ، ولا يخفى أن المتشابه ليس حجة في عرض المحكم ، سواء أريد به المجمل بدوا الذي لا يكون اتباعه إلا بالتأويل التحكمي الخالي عن القرينة ، أم الظاهر الموهم خلاف الواقع ، والذي يعلم بعدم إرادة ظاهره بالنظر في القرائن العقلية أو النقلية ، بحيث يكون النظر في القرائن موجبا لإجماله عرضا بعد القطع بعدم إرادة ظاهره ، أو لاستكشاف المراد الحقيقي به ، كالظاهر مع الأظهر أو النص ، ويكون اتباعه بالعمل بظهوره البدوي من دون تأمل في القرائن.
فليس العمل بالمحكم دون المتشابه من ترجيح إحدى الحجتين على الاخرى الذي هو محل الكلام.
وإنما ذكرناه هنا ـ كما ذكرنا بعض ما سبق ـ لاستقصاء مفاد النصوص التي عدت من نصوص الترجيح في كلام شيخنا الأعظم وغيره.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٢٢.