المقام الأول
في مقتضى الأصل في المتعارضين
والظاهر أن مقتضى الأصل الأولي في المتعارضين التساقط ، لا التخيير ولا الترجيح.
ووجهه ظاهر في ما إذا كان دليل حجيتهما لبيا أو لفظيا لا إطلاق له يشمل صورة التعارض ، حيث يكون المرجع فيها أصالة عدم الحجية في كل منهما ، سواء كان دليل الحجية تعبديا كالإجماع ، أم ارتكازيا كسيرة العقلاء على حجية الظواهر وأصالة الجهة ، فإن الثاني وإن أمكن أن يحرز به تحقيق مقتضي الحجية في حال التعارض ، إلا أن الغرض المهم في المقام لما كان هو إحراز الحجية الفعلية لزم الرجوع لدليلها فمع فرض عدم وفائه بها في فرض التعارض يلزم البناء على عدمها.
نعم ، إذا كان مقتضى دليل الحجية في خصوص مورد التخيير أو الترجيح لزم البناء على ذلك ، وخرج عن محل الكلام من فرض الشك ، نظير ما سبق في موارد الجمع العرفي من ترجيح أقوى الظهورين.
وأما إذا كان دليل الحجية لفظيا له عموم أو إطلاق يشمل صورة التعارض فلامتناع حجية كلا المتعارضين لاستلزامه التعبد الظاهري بالضدين ، بل بالنقيضين بلحاظ المدلول الالتزامي لكل منهما ، وهو ممتنع بملاك امتناع جعلهما واقعا ، لتقوم الأحكام التكليفية بنحو اقتضائها للعمل ، وتضادها إنما هو بلحاظ اختلافها في ذلك ، ومن الظاهر أن اقتضاء التعبد الظاهري بالحكم للعمل