هذا ، وقد استشكل بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه في الاستدلال على الترجيح بالشهرة بالمقبولة بأنها بالإضافة للمرجح المذكور مهجورة عند الأصحاب في موردها ، وهو القضاء والخصومة ، إذ ليس بناء الأصحاب على النظر في مدرك الحكمين ، بل مع تعاقبهما ينفذ الأسبق منهما ، ومع تقارنهما يتساقطان ويرجع الى حاكم ثالث ، ومع ذلك لا مجال للتعدي عن موردها في الترجيح بالشهرة في تعارض الخبرين.
ويندفع : بعدم وضوح وهن نصوص الترجيح بين الحكمين بإعراض الأصحاب المدعى. ولو تم الإجماع على عدم النظر في مدرك الحكمين أمكن كشفه عن تبدل الجعل ، لأن ولاية الحاكم الشرعي على القضاء ليست حكما شرعيا كليا ، بل هي حكم جزئي مستند لنصب الإمام له بجعل خاص ، وهو قابل للتبديل ، وحينئذ لا يمنع ارتفاع الترجيح بين الحكمين من العمل بالمقبولة في الترجيح بين الخبرين بعد ظهورها في عدم خصوصية موردها. فلاحظ.
ثم إن المعيار في هذا المرجح على ما تضمنته المقبولة والمرفوعة من كون أحد الخبرين مشهورا معروفا بين الأصحاب والآخر شاذا نادرا.
وأما مجرد كون أحدهما أكثر رواة من الآخر من دون أن يبلغ ذلك ، فلا دليل على الترجيح به ، وإن كان هو الظاهر من الشيخ قدّس سرّه في الاستبصار ومحكي العدة ، بل ظاهر كل من عبر بأشهرية أحد الخبرين.
ولعله يبتني على التعدي عن المرجحات المنصوصة ، الذي يأتي الكلام فيه في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.
الثالث : موافقة الكتاب.
وقد تضمنته مقبولة ابن حنظلة وصحيح عبد الرحمن المحكي عن رسالة القطب الراوندي المتقدمان في نصوص الترجيح ، والمرسل الذي تضمنه كلام الكليني المتقدم عند الكلام في الإجماع على الترجيح ومرسل المفيد المحكي