يتكفله البحث في المقام.
وقد تعارف في عصرنا وما قاربه تعرض الفقهاء لجملة من مسائل التقليد في مقدمة رسائلهم العملية وكتبهم الفتوائية ، واستيفاء جملة وافية من فروعه الدقيقة التي هي مورد الابتلاء. وممن تعرض لذلك سيدنا الأعظم قدّس سرّه في كتابه (منهاج الصالحين) ، وقد سبق منّا تحرير الاستدلال على الفروع التي ذكرها عند الشروع في تدريس الكتاب المذكور ، حيث أفضنا في شرح كلامه واستدلال له مع ما يناسبه من القواعد والفروع. وقد استغرق ذلك زمنا طويلا.
ومن هنا لا نرى التعرض هنا لتلك الفروع ، بل الأولى الانشغال بما لم يسبق منا التعرض له ، لأن الوقت لا يسع الاعادة والصدر يضيق عنها.
فنحاول الاقتصار على تنقيح مقتضى القواعد الأولية في التقليد والاشارة لأدلتها العامة ، لأنه الأنسب بمباحث الأصول ، والاكتفاء في الفروع والخصوصيات بما حرر في الفقه. ونسأله تعالى أن يعيننا في ذلك ويسددنا فيه ، حتى يكون البحث متناسقا منتظما مفيدا مثمرا.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أن المعروف من مذهب الأصحاب اجتزاء العامي بالتقليد. بل الظاهر أنه مما أطبق عليه المسلمون في الجملة ، كما تشهد به سيرتهم على اختلاف مذاهبهم.
والظاهر أن خلاف بعض الأخباريين فيه معنا لفظي ، لأن المحكي عنهم الذي تشهد به في الجملة بعض كلماتهم دعوى أن ما صدر من معاصري الأئمة عليهم السّلام وجرت به سيرة الإمامية خلفا عن سلف ليس من التقليد ، بل هو نظير قبول الرواية المنقولة بالمعنى ، الذي لا إشكال في جوازه ، وأنه لا يجوز تقليد من يجتهد في استنباط الحكم برأيه ، بل يجب أخذ أحكام الدين من المعصومين عليهم السّلام.
ونحن متفقون معهم في حرمة أخذ الحكم من غير المعصومين عليهم السّلام