يكون حجة عليه حينئذ بمقتضى مدلولهما الالتزامي ، بناء على ما يأتي الكلام فيه من عدم تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية في السقوط عن الحجية. ويأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى في المبنى المذكور.
وأما بناء على ما ذكرنا من سقوطهما معا عن الحجية فلا ينبغي التأمل أيضا في نفي الثالث لو علم إجمالا بصدق أحدهما. لكنه راجع للعلم بنفيه ، لا لحجيتهما في ذلك.
أما لو احتمل كذبهما معا فقد اختلفت كلماتهم في ذلك فقد ذهب جماعة إلى حجيتهما في نفي الثالث ، على اختلاف منهم في عموم ذلك والتفصيل فيه ، على ما سيظهر.
قال سيدنا الأعظم قدّس سرّه : «لأنهما وإن سقطا عن الحجية معا ، لكن في خصوص ما يتكاذبان فيه ... لا ما يتفقان عليه ، لعدم تكاذبهما فيه فلا يسقطان عن الحجية فيه» وقد سبقه إلى ذلك بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه.
وقد يستشكل في ذلك : بأن دلالتهما على ما يتفقان فيه وهو نفي الثالث فرع دلالة كل منهما على ما ينفرد به ، لكونه لازما له ، فاذا فرض تكاذبهما في ما ينفردان فيه وسقوطهما عن الحجية فيه تعين سقوطهما عن الحجية في نفي الثالث تبعا لذلك. ومرجع ذلك إلى سقوط الدلالة الالتزامية عن الحجية تبعا للدلالة المطابقية. وقد أشار قدّس سرّه إلى المنع من ذلك ، كما هو مبنى غير واحد.
فقد ذكروا أن الدلالة الالتزامية وإن كانت تابعة للدلالة المطابقية في الوجود ، إلا أنها غير تابعة لها في الحجية ، فسقوط الدلالة المطابقية عن الحجية بسبب التكاذب لا يقتضي سقوط الدلالة الالتزامية بعد فرض عدم التكاذب فيها ، نعم ، خصه قدّس سرّه بما إذا ساعد عليه الجمع العرفي وجعل منه المقام. وحيث كان المبنى المذكور من أهم مباني المسألة التي تبتني عليها الأقوال فيها ، كما يبتني عليه الكلام في غير مقام فالمناسب تحقيقه والنظر في المهم من كلماتهم