ومرجعه إلى التخيير من قبل المولى مع التفاته للتزاحم ، فيجعل كلا التكليفين بنحو لا يمنع من امتثال الآخر ، وحكم العقل به في فرض غفلة المولى عن التزاحم ، فلا يلزم إلا باستيفاء أحد الفرضين تخييرا. كما لا ريب في لزوم حفظ الراجح منهما واستيفاء ملاكه ، لاختصاص الفعلية به.
ومن هنا كان المناسب النظر في المرجحات الملزمة باختيار أحدهما والمعينة لفعليته على نحو الإطلاق. والمذكور في كلماتهم أمور ..
الأول : الأهمية ولا إشكال في كونها من المرجحات في المقام ، لما في المحافظة على الأهم من تحصيل المرتبة الزائدة من الغرض. والترجيح بها عقلي بمعنى أن العقل؟؟؟ يستكشف ترجيح المولى للأهم مع التفاته للتزاحم ، ويحكم هو بوجوب امتثال الأهم مع غفلة المولى عنه.
ودعوى : أن ذلك إنما يتم مع حكمة المولى ، إذ بدونها قد يعين غير الأهم ، أو يخير بينهما.
مبنية على أن المراد من الملاك والغرض هو المصالح والمفاسد التي يكون مقتضى الحكمة جريان الأحكام عليها ، وقد سبق في مبحث الفرق بين التعارض والتزاحم أنه لا يراد به ذلك ، بل الجهة الداعية للحكم ولو لم تكن على طبق الحكمة ، ومن الظاهر امتناع ترجيح غير الأهم بلحاظها حتى من غير الحكيم كامتناع التخيير بينهما ، لأن التكليف فعل اختياري للمولى ، فكما لا يعقل صدوره منه مع عدم الداعي له وعدم صدوره مع فعلية الداعي له ، لا يعقل عدم تعيينه ما يقتضي الداعي فعلية تعيينه ، فضلا عن تعيينه لغيره. إلا أن يفرض عدول المولى وتبدل الحال عنده ، فيتجدد اهتمامه بما لم يهتم به سابقا ويقوى الداعي لما ضعف داعيه له سابقا ، فيكون الترجيح للأهم الفعلي ، ولا ينافي ما ذكرنا من الترجيح بالأهمية.
نعم ، لا بد من كون الأهمية بمرتبة ملزمة ، لكون المرتبة الزائدة من الغرض