وربما يظهر الأثر لذلك في بعض التنبيهات الآتية ، على ما نتعرض له إن شاء الله تعالى.
وينبغي التنبيه على أمور ..
الأول : التعارض بين أكثر من دليلين ينشأ ..
تارة : من منافاة مؤدى كل منها لمؤدى غيره ، كأدلة وجوب الشيء وحرمته وإباحته.
وأخرى من منافاة مؤدى كل منها لمجموع مؤدى الباقي ، كأدلة وجوب القصر ووجوب الصيام والتلازم بين القصر والإفطار.
أما الأول فلا ينبغي التأمل في جريان أصالة التساقط فيه بالوجه المتقدم ، بل هو راجع للتعارض بين دليلين ، غايته أن عدم المرجح لأحدها بالنحو الموجب لملاحظة التعارض بين اثنين منها وتساقطهما ، ثم الرجوع للثالث ، موجب لسقوط الكل.
وأما الثاني فالظاهر جريان أصالة التساقط فيه بالوجه المتقدم أيضا ..
أما على ما ذكره المحقق الخراساني قدّس سرّه في تقريبها فظاهر ، للعلم إجمالا بكذب أحدها ، المستلزم لخروجه عن الحجية ، واشتباه الحجة باللاحجة في المورد.
وأما على ما ذكرنا فلأن المدلول الالتزامي لكل منها كذب أحد الأدلة الباقية إجمالا ، كما أن المدلول الالتزامي لمجموع الأدلة الباقية كذبه بعينه ، فالتعبد به معها تعبد بالنقيضين. وبهذا يفترق المقام عن جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي ، الذي تقدم في محله جوازه في الجملة ، لعدم حجية الأصول في لازم مجراها ، فلا تناقض بين المعلوم بالإجمال ومفاد الأصول.
ولو فرض حجيتها في لازم مجراها فالتناقض بينه وبين المعلوم بالإجمال وإن كان حاصلا ، إلا ان المعلوم بالإجمال ليس موضوعا للتعبد