النّسخ ولزوم الرجوع فيه للأصل.
فلا يبعد أن يكون ذلك منهم للاطمئنان بصدق إحدى النسخ ولو بلحاظ مساق الكلام ومناسباته.
أو يقال : لما كان منشأ اختلاف النسخ منحصرا بالخطإ في إثبات النسخة أو قراءتها أو سماعها ، فأصالة عدم الخطا بنظر العقلاء تقتضي عدمه في إحدى النسخ إجمالا ، اقتصارا فيه على المتيقن.
وليس الخطأ كغيره من الأمور التي يبتني استحصال الواقع من الطرق على عدمها ـ كمخالفة ظاهر الكلام ، وصدوره لبيان غير المراد الجدي ، وتعمد الكذب من الناقل ـ مما يبتني الخروج عنه على العمد الذي لو جاز في أحد الطريقين جاز في كليهما. ولو لا ذلك لأشكل الحال.
نعم ، لا إشكال مع عدم أداء اختلاف النّسخ إلى اختلاف المعنى لو أمكن عرفا حمل بعضها على بيان النقل بالمعنى وعدم تعمد الألفاظ ، لثبوت جواز ذلك.
وكذا لو كان الاختلاف بالزيادة بنحو لا يخل بالمعنى ، بل يوجب زيادته لو أمكن عرفا حمل الناقص على عدم التصدي والاهتمام بضبط تمام المضمون ، حيث يخرج عن التعارض حينئذ ، لعدم التكاذب.
وأولى بعدم الإشكال ما لو كان مرجع النّسخ إلى بيان محتملات نسخة الأصل لاشتباهها وتشوشها ، من دون جزم ببعضها ، لرجوعها إلى الأخبار بعدم خروج نسخة الأصل عن المحتملات المذكورة. فلاحظ.
الأمر السادس : تقدم تقريب أصالة التساقط في المتعارضين بالإضافة إلى ما لم يكن لدليل حجية إطلاق بقصور دليله عن شمول حال التعارض ، وبالإضافة إلى ما كان لدليل حجيته إطلاق بمانعية التعارض من حجية المتعارضين المستلزم لتخصيص عموم الحجية فيهما.