يكون المنشأ فيه الأدلة الخاصة ، مع بقاء التعارض بالنظر لعموم دليل الحجية ، كما سبق.
وعلى هذا جرى شيخنا الأعظم قدّس سرّه وغير واحد ممن تأخر عنه ، كما سبق.
ولازم ذلك كون البحث في شئون الجمع العرفي وضوابطه وما يتعلق بذلك من مبادئ مبحث التعارض ، لرجوعه إلى تشخيص مورده وتنقيح صغرياته ، لا إلى بيان حكمه ، فيناسب جعله مقدمة للبحث المذكور ، لا من مقاصده.
إلا أن أهمية البحث المذكور ومناسبته للمقام ووقوع نتائجه في طريق الاستنباط ملزم بجعله من مقاصد هذا المبحث ، لتبعية سعة البحث لسعة الغرض ، وليس ذلك الموضوع إلا لتحديد الغرض ، فاذا كان الموضوع قاصرا عن استيفائه لزم التخطي عنه محافظة على استيعاب الغرض.
ويأتي إن شاء الله تعالى في آخر الكلام في تمهيد البحث في المقام التعرض لمنهج البحث وتعيين موضع الكلام في ذلك منه.
الأمر الرابع : لا ريب في توقف التعارض على تنافي المؤديين ، بحيث يمتنع التعبد بهما ظاهرا ، كما يمتنع جعلهما واقعا ، ولا يكفي مجرد العلم بقصور دليل الحجية عن أحدهما لا من جهة تنافي مضمونيهما ، كما في الماء النجس المتمم كرا بطاهر ، بناء على أن مقتضى الاستصحاب في كل منهما نجاسة الأول وطهارة الثاني وعدم اختلاف حكم أجزاء الماء الواحد ظاهرا ، كما لا يختلف واقعا ، فإن مرجع ذلك إلى العلم بتخصيص عموم الاستصحاب بنحو لا يشملهما معا ، من دون أن يمتنع اجتماع مضمون كلا الاستصحابين ، فإن أصالة العموم في دليل الاستصحاب وإن كانت تسقط في كل من الفردين ، إلّا أنه ليس بملاك التعارض بينهما ، لعدم دخل كل منهما في سقوط الآخر ، بل للعلم بكذبها الراجع للتخصيص وعدم تمامية موضوع الحجية الذي عرفت خروجه عن