كما أن وجوب القدر المشترك بينهما الذي هو الجنس بحسب التحليل العقلي ليس لازما له أيضا ، بل هو وجوب ضمني متحد مع وجوب كل من الخصوصيتين استقلالا ، الذي هو المفاد المطابقي لكل من الدليلين ، فخروج المورد عن حديث بقاء الدلالة الالتزامية على الحجية ليس لعدم العبرة بالتحليل في باب الظهورات ، كما ذكره قدّس سرّه بل لرجوع التحليل للاتحاد ، دون التلازم.
وأما التصريح في أحد الدليلين بوجوب فريضة في الجملة فليس هو تصريحا باللازم ، بل هو راجع إلى اشتمال الدليلين على مدلول إجمالي وأخر تفصيلي ، وتكاذبهما في الثاني لا يوجب سقوطهما عن الحجية في الأول.
تذنيب
إذا تنجز أمر إجمالي إما بالعلم ـ كفريضة اليوم ـ أو بقيام دليل خاص ـ كما في ما تقدم في تعقيب كلام بعض الأعاظم قدّس سرّه ـ واختلف الدليلان في تعيينه بوجهين مثلا ، فحيث يسقطان عن الحجية في تعيينه ، فهما لا ينهضان بنفي طرف ثالث للإجمال لو فرض احتماله ، بناء على ما سبق من عدم حجية المتعارضين في نفي الثالث.
ومن هنا يشكل الحال في اختلاف النّسخ ، لوضوح أن الإخبار بكل نسخة وإن كان مبنيا على المفروغية عن وجود مضمون الكتاب الذي تحكي عنه النّسخ ، فهي تصلح لتنجيز الأمر الإجمالي ، إلا أن عدم صلوحها لتعيينه بسبب التعارض موجب لعدم حجيتها في القدر المشترك بينها ، وهو مخالف لسيرة العلماء في مقام الاستدلال ، حيث لا يخرجون عن مفاد كلتا النسختين.
ولا مجال لدعوى ابتناء ذلك منهم على الخروج عن أصالة التساقط والعمل بأخبار العلاج المتضمنة للترجيح والتخيير.
لما يأتي في محله إن شاء الله تعالى من قصور أخبار العلاج عن اختلاف