خارجا ـ وهو فعل المكلف ـ قد يشتبه بسائر موارد العامين من وجه المفروغ ظاهرا عن تحقق التعارض فيها.
ولذا كان ظاهر المشهور القائلين بالامتناع وتقديم جانب النهي المفروغية عن تحقق ملاك الأمر في مورد اجتماع العنوانين ، حيث يصح عندهم ويتحقق به الامتثال لو أتي به مع عدم تنجز النهي لغافلة ونحوها ، مع ما هو المعلوم من أن العامين من وجه متعارضان لا طريق مع تقديم أحدهما لإحراز ملاك الآخر.
بل مفروغيتهم عن تقديم جانب النهي لا وجه له إلا ما ذكرنا من إلحاق المورد بالتزاحم ارتكازا. وإن وقع من غير واحد الكلام في وجه ذلك وأطالوا فيه بما لا مجال للتعرض له هنا ، بل يوكل لمحله.
الأمر السادس : تعرض شيخنا الأعظم قدّس سرّه إلى الكلام في قاعدة : الجمع مهما أمكن أولى من الطرح ، المدعى عليها الإجماع من بعضهم.
وقد أطال الكلام فيها بما لا يسعنا متابعته فيه بعد إجمال المراد من القاعدة المذكورة وعدم الدليل عليها غير الأدلة العامة المحكمة في العمل بالأدلة.
والذي ينبغي أن يقال : إن الجمع إن كان راجعا إلى تحكيم أحد الدليلين على الآخر وحمله عليه بالنحو الذي تقتضيه أدلة الحجية العامة ، كما في موارد الجمع العرفي ، فهو المتعين أخذا بدليل الحجية المقتضي له ، كما يؤخذ به في العمل بالدليل الواحد الذي لا معارض له. وهو في الحقيقة خارج عن التعارض بين الدليلين ، كما تقدم في الأمر الثالث.
وإن كان راجعا إلى محض تأويل أحدهما بما لا ينافي الآخر وإن لم تساعده أدلة الحجية. فإن أريد بذلك مجرد رفع التنافي بين الدليلين دفعا لتوهم صدور المتنافيين عن المعصوم عليه السّلام. فهو مستغنى عنه في حق من يعتقد عصمته ، وإنما يحتاج له لدفع النقض على عصمته ممن لا يعتقد بها. ولا أثر له