ولو كان تقصيريا تعين البناء على ذلك ، وإن كان على خلاف الأصل ، كما في الاتمام في موضع القصر والاخفات في موضع الجهر وعكسه بل جميع موارد حديث : «لا تعاد الصلاة ...» (١) ، بناء على عمومه للجهل بالحكم ، وغيرها.
نعم ، وقع الإشكال بينهم في الجمع بين ذلك وبين وجوب الفحص عن الواقع في الأحكام المذكورة ، الراجع لاستحقاق العقاب بفوته مع التقصير في الفحص.
بدعوى : أن المأتي به في حال الجهل إن كان وافيا بغرض الواقع الأولي كان مثله طرفا للتكليف ، ولا مجال لتعيين الواقع ، لتبعية التكليف للغرض ، فلا يفوت معه المكلف به ، فضلا عن ملاكه ، ليستحق العقاب بفوته بسبب الجهل ، ويجب الفحص فرارا عن ذلك وإن لم يكن المأتي به وافيا بغرض التكليف امتنع إجزاؤه.
وقد أطال شيخنا الأعظم قدّس سرّه ومن تأخر عنه في حل الإشكال بما لا يسع المجال إطالة الكلام فيه بعد عدم التنافي بين الأمرين وإمكان الجمع بينهما ظاهرا ، لأن الإجزاء كما يمكن أن يكون لوفاء المأتي به حال الجهل بملاك الواقع الأولي ، أو لتبدل الملاك ، المستلزم لعدم العقاب ، كذلك يمكن أن يكون لمانعية المأتي به من استيفاء ملاك الواقع من دون أن يستوفى به ، كما لو تعلق الغرض باطعام اللحم ، فأطعمه التمر حتى أشبعه ، ولم يكن التمر مفيدا فائدة اللحم إلا أنه لما أوجب الامتلاء يتعذر إطعام اللحم واستيفاء فائدته.
وقد ذكرنا نظير ذلك في التنبيه الرابع من تنبيهات مبحث الأقل والأكثر الارتباطيين. فراجع.
السابع : لا يخفى أن الأدلة المتقدمة على وجوب الفحص وعدم جواز الرجوع بدونه للطرق والاصول الترخيصية مختصة بالشبهات الحكمية.
__________________
(١) الوسائل ج : ١ باب : ٢ من أبواب الوضوء حديث : ٨.