الفصل الأول
في التخصص والورود
وإنما جمعناهما في فصل واحد لأن معيار الفرق بينهما محتاج لبعض الكلام ، بل قد يكون الأول منهما خارجا عن محل الكلام وهو النسب بين الأدلة.
وقد سبق أن أشرنا إلى توقف العمل بالدليل على تحقق موضوع حكمه وإحرازه.
وبيان ذلك : أن الأحكام الشرعية التي تتكفلها الأدلة لما كانت مجعولة كبرويا بنحو القضايا الحقيقية الفرضية الموضوع ففعليتها في الخارج تدور ثبوتا مدار فعلية موضوعاتها في الخارج وجودا وعدما.
كما أن إحرازها بنحو يصلح لاحداث الداعي العقلي للعمل ـ الذي هو تابع للتنجز ـ يدور وجودا وعدما مدار إحراز موضوعاتها وعدمه ، ومن الظاهر عدم تكفل دليل الحكم بتحقيق موضوعه ثبوتا ، ولا باحرازه إثباتا ، بل هما تابعان لأسبابهما التكوينية أو التشريعية.
وقد تنهض بعض الأدلة بتنقيح موضوعات بعض الأحكام ..
تارة : لكون الدليل بنفسه محققا لموضوع الحكم ثبوتا ـ لا بلحاظ مدلوله ـ كما في الأحكام التي يؤخذ في موضوعاتها قيام الحجة ، كجواز القضاء والفتوى ، حيث يكون قيام الدليل على الحكم محققا لموضوعها بنفسه. وكما في الاصول العقلية التي يكون موضوعها عدم البيان كالبراءة والاشتغال ، حيث يكون قيام الدليل على التكليف أو الامتثال رافعا لموضوعها.