وإلا فإن لزم من العمل بكل منهما محذور في مخالفة العلم الإجمالي سقطا معا عن مقام العمل من دون مرجح للطريق أو الأمارة ، لاختصاص الوجوه المتقدمة بما إذا كانا بيانا في مورد الأصل ، وإلا لزم العمل بكل منهما في مورده ، نظير ما يذكر في الأصلين المعلوم كذب أحدهما إجمالا.
الرابع : الظاهر أنه لا فرق في الأصول غير الإحرازية بين التعبديّة المبنية على التعبد بالمضمون والمقتضية للبناء عليه عملا ـ كأصالة الطهارة والحل ـ وغيرها مما لا يتضمن إلا محض التعذير أو التنجيز في مقام العمل ـ كالبراءة والاحتياط ـ ولا تتقدم الاولى على الثانية ، لعدم الموجب لذلك بعد عدم تضمن الاولى إحراز المؤدى وبيانه ، ليتوجه تقديمها بملاك تقديم الأصل الإحرازي الذي اشير إليه في وجه تقديم الاستصحاب على غيره من الأصول ، بل هي مشتركة في أن موضوعها محض الشك.
الأمر الثاني : في تقديم الأصل السببي على المسببي.
والمراد بالأصل المسببي هو الأصل الجاري رأسا في الأثر الذي يترتب عليه العمل ، أما السببي فهو الذي يقتضي التعبد بالأثر بتوسط التعبد بموضوعه وسببه الشرعي ، لما سبق عند الكلام في الأصل المثبت من أن التعبد بالموضوع مستلزم للتعبد بأثره الشرعي عرفا ، فيتفرع التعبد بالأثر في مورد الأصل المسببي على ضم الصغرى المتعبد بها بمقتضى الأصل السببي للكبرى الشرعية المتضمنة للتلازم بين الموضوع والأثر.
ومنه يظهر أنه لا بد في الأصل السببي من كونه أصلا تعبديا مقتضيا للبناء على مضمونه الذي هو موضوع الأثر ، ليترتب عليه البناء على الأثر ، أما الأصل المتمحض في التعذير والتنجيز ـ كالبراءة والاحتياط ـ فهو لا يصلح للتعبد بالأثر بعد عدم تضمنه التعبد بموضوعه ، ليكون مقدما على الأصل المسببي الجاري في الأثر رأسا.