ولذا لا إشكال ظاهرا في أن جريان الاحتياط عند الشارع في التكليف قبل الفحص لا يقتضي ترتب آثار ذلك التكليف المنافية للاحتياط ، بنحو يكون الاحتياط في التكليف منافيا للاحتياط في أثره ، فلو وجب الاحتياط عند الشك في وجوب الانفاق لم يسقط الاحتياط في التكليف المترتب على عدم وجوبه ، كوجوب الحج.
فما ذكره بعض مشايخنا من فرض مثل أصل البراءة سببيا غير ظاهر.
نعم ، لو كان للسعة أو الحرج في مقام العمل اللذين هما مقتضى الأصل التعذيري والتنجيزي لازم شرعي أو عقلي تعين ترتبه واقعا ، لتحقق موضوعه كذلك ، كقابلية الفعل للتقرب مع جريان البراءة فيه وإن كان محرما واقعا ، وعدم قابليته له مع جريان الاحتياط فيه وإن لم يكن محرما ، وهو خارج عن محل الكلام.
وأما الأصل المسببي فلا يعتبر فيه شيء من ذلك ، كما لا يعتبر في السببي أن يكون إحرازيا بل يقدم وإن لم يكن إحرازيا على المسببي وإن كان إحرازيا ، كأصالة الطهارة في الماء التي يرفع اليد بها عن استصحاب نجاسة الثوب المغسول به ، كما يرفع بها اليد عن أصالة البراءة من وجوب تطهير المسجد به لو انحصر به الماء.
نعم ، مفروض كلام شيخنا الأعظم والمحقق الخراساني قدّس سرّهما في السببي والمسببي هو الاستصحاب ، ونظرهما في استدلالهما على تقديم السببي لدليل الاستصحاب.
لكن الظاهر أنه ناشئ من تحريرهما للمسألة في الاستصحاب ، لا من اختصاص ملاك التقديم عندهما به. ومن ثمّ صرح غير واحد ممن تأخر عنهما بالتعميم.
اذا عرفت هذا ، فما يستفاد من كلماتهم في تقريب تقديم السببي وجوه ..