وهجر نصوص التوقف بالنحو الموجب لانجبار الاولى ووهن الثانية.
ولذا لا مجال للبناء على التخيير ، لضعف نصوصه دلالة أو سندا ومعارضتها بما هو أقوى منها.
هذا ، وربما ينسب لبعضهم وجوب الاحتياط ، لا بمعنى الأخذ بأحوط الخبرين ، فإنه راجع لترجيح الخبر الموافق للاحتياط ، الذي سبق الكلام فيه في بيان المرجحات ، بل بمعنى التوقف المطلق في الفتوى المستلزم للاحتياط في مقام العمل ، لعدم المؤمن ، الراجع لتنجز احتمال التكليف على طبق كل من المتعارضين ، بنحو يمنع من الرجوع للعموم والأصل المؤمن ونحوهما مما يكون متأخرا رتبة عن كلا المتعارضين.
وكأن الوجه فيه : العمل بنصوص الإرجاء والتوقف بعد حملها على التوقف المطلق.
وفيه : أن ظاهر النصوص المذكورة أو المتيقن منها هو التوقف من حيثية المتعارضين ، بمعنى عدم التعويل عليهما لعدم حجيتهما ، بل يرجأ معرفة الحق منهما إلى لقاء الإمام ، ولا ينافي العمل في المسألة بما يكون متأخرا رتبة عن المتعارضين بعد اليأس عن معرفة الحق منهما ، كما أشرنا إلى ذلك في الوجه الأول من وجوه الجمع بين نصوص التخيير والتوقف.
وقد تحصل من جميع ما تقدم : أنه لا مجال للخروج عما تقتضيه القاعدة في المتعارضين من التساقط. والله سبحانه وتعالى العالم العاصم ، ومنه نستمد العون والتوفيق ، والحمد لله رب العالمين.
وينبغي التنبيه على امور ..
الأول : أنه بناء على القول بالتخيير لا يراد به التخيير في المسألة الفرعية ، بمعنى البناء على أن الحكم الشرعي الفرعي هو المطابق للسعة بين المؤديين ، نظير التخيير بين القصر والتمام في المواطن الأربعة.