ولم يدونا إلا في كتب المتأخرين.
بل يبعد بناء الأصحاب على التخيير في عصور الأئمة عليهم السّلام ومن القريب بناؤهم على الرجوع لهم عليهم السّلام في كشف الحال ، لأنه مقتضى الطبع الأولي ، وقد وردت به النصوص في كثير من الموارد ، وقد سبق أن ذلك يوجب إجمال نصوص التخيير ، لا حجيتها في عصر الغيبة.
بل لم يشر الشيخ قدّس سرّه في التهذيب للتخيير ، وإنما ذكر في آخر المرجحات ترجيح الخبر الموافق للأصل ، وكأنه يرجع للعمل بالأصل بعد تساقط الخبرين ، لما هو الظاهر من عدم صلوح الأصل للترجيح حتى بناء على التعدي عن المرجحات المنصوصة.
بل لعل بعض من صرح به قد اعتمد على بعض الوجوه الاعتبارية ـ نظير ما سبق من الشيخ في الاستبصار ـ أو على إطلاقات الحجية ـ كما سبق من المرتضى في الذريعة ـ أو على ما تضمن أنهم عليهم السّلام لا يدخلون شيعتهم في ما لا يسعهم (١) ، بتخيل دلالتها على ذلك ، مع الغافلة عن أن المراد أنه يسعهم واقعا لعناوين ثانوية من تقية أو نحوها.
وما أبعد ما بين دعوى : انجبار نصوص التخيير بعمل الأصحاب وما ذكره شيخنا الاستاذ قدّس سرّه من وهنه بإعراضهم ، فإنهم وإن ذكروا ذلك في الاصول إلا أنهم لم يجروا عليه في الفقه ، بل مبناهم على الجمع بين النصوص أو ترجيح بعضها من دون إشارة للتخيير.
وإن لم يبعد كون منشأ ذلك منهم التعدي عن المرجحات المنصوصة ، ولو احتياطا كما سبق ، لا الإعراض عن التخيير بالنحو المانع من البناء عليه لو تمت نصوصه.
وكيف كان ، فلا مجال لإحراز اعتمادهم على نصوص التخيير المتقدمة
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ٩ من أبواب صفات القاضي حديث : ٨ ، ١٣.