هذا ، وقد يمنع من تقليد من يرى لزوم العمل بمطلق الظن ، لتمامية مقدمات الانسداد بنظره ، لدعوى اختصاص بعض مقدماته ـ وهو عدم جواز تقليد القائل بالانفتاح وعدم وجوب الاحتياط للزوم اختلال النظام أو العسر والحرج ـ بالمجتهد ، دون العامي لإمكان تقليده القائل بالانفتاح ، وعدم لزوم اختلال النظام ـ البديهي البطلان في الأحكام الشرعية ـ من احتياطه بنفسه ، كي يقطع بعدم وجوبه ، لان الاختلال إنما يلزم من عمل الكل بالاحتياط ، لا من احتياط شخص أو أشخاص معدودين ، كما لا طريق له لإثبات عدم وجوبه من جهة الحرج ، لأن قاعدة نفي الحرج ليست بديهية يدركها العامي ، بل نظرية محتاجة لمئونة استدلال لا يقوى عليه بنفسه.
ويزيد الإشكال لو كان يرى العمل بالظن من باب الحكومة الراجعة لحكم العقل بحجية الظن ، أو بتبعيض الاحتياط على طبقه لأنه لا يكون عارفا بالأحكام الشرعية الواقعية ولا الظاهرية ، فتقصر عنه أدلة التقليد الشرعية.
لكن يظهر اندفاع ذلك مما تقدم في التقليد في موارد الأصول ، لوضوح أن المجتهد الانسدادي يرى خطأ القائل بالانفتاح ، وعموم الانسداد في حق جميع المكلفين ، فيجب الرجوع إليه مع أعلميته ، كما يجوز الرجوع له مع مساواته للقائل بالانفتاح ـ بناء على التخيير مع تساوي المجتهدين ـ فلا يصلح قول من يرى الانفتاح للتخيير في حق العامي ، ليمنع من تمامية مقدمة الانسداد. كما أن المجتهد حيث يرى انسداد باب العلم في حق الجميع وكان تشريع الاحتياط في حقهم مستلزما لاختلال النظام فهو يستكشف عدم تشريعه في حق الجميع أيضا ، ولا يمنع من ذلك انفتاح باب العلم للآخرين بنظرهم أو نظر مقلّديهم مع فرض خطئهم في ذلك بنظره.
وعجز العامي عن إثبات قاعدة نفي الحرج بنفسه لا يقدح بعد ثبوتها في حقه بنظر المجتهد الذي يجب أو يجوز له الرجوع إليه.