ثم إن لازم ما ذكره جريان التفصيل المذكور في المتباينين أيضا. فإذا كان أحدهما عموما والآخر إطلاقا لا تجري مقدمات الحكمة في الإطلاق ، فينقلب إلى قضية مهملة قابلة لتخصيص العموم عرفا ، من دون أن تجري عليهما أحكام التعارض ، وحيث يكون مورد التخصيص مجملا يكون العام بحكم المجمل. وإذا كانا معا إطلاقين لا تجري مقدمات الحكمة فيهما معا وينقلبان إلى قضيتين مهملتين مجملتين لا تنافي بينهما ليكونا متعارضين.
مع أنه لم يذكر التفصيل المذكور في المتباينين. فلاحظ.
المسألة الثالثة : سبق في مقدمات مبحث التعارض أن التعارض قد يتحقق بين أكثر من دليلين ، فيشملها أحكام التعارض العامة.
أما أحكامه الخاصة التي تضمنتها نصوص العلاج فلا يبعد شمولها أيضا ، لأن جملة من تلك النصوص وإن اختصت بتعارض الخبرين ، إلا أن بعضها مطلق من هذه الجهة ، كمقبولة ابن حنظلة المفروض فيها اختلاف الحكمين ، لاختلافهما في الحديث ، لوضوح أن كلّا من الحكمين قد يستند في حكمه للجمع بين مضموني حديثين أو أكثر.
كما أن اختلاف الحديث كما يصدق مع تنافي مضموني حديثين يصدق مع تنافي مضامين أكثر من حديثين. وكذا مرسل الحارث بن المغيرة المتقدم في نصوص التخيير.
على أن إلغاء خصوصية الحديثين في أكثر النصوص قريب عرفا. ولا سيما مع مناسبته لنوع المرجحات ارتكازا ، ولما في بعض نصوص التخيير من كون الأخذ بكل منهما من باب التسليم.
هذا ، ولو كان أحد النصوص المختلفة قطعي المضمون كان التعارض بين الباقي منها. فقد يرجع للتعارض بين الحديثين.
لكنه يكون من التعارض العرضي لأمر خارج ، كما تقدم التنبيه عليه هناك.