ولازم ذلك جواز الرجوع إليها في الشبهات الموضوعية من دون فحص لو اقتضاه عموم أدلتها كما هو الظاهر فيها كلها أو جلها ، بل بعضها صريح في ذلك ، كصحيحة زرارة الثانية المذكورة في أدلة الاستصحاب المتضمنة عدم وجوب النظر في الثوب الذي يحتمل إصابة النجاسة له (١) ، وما دل على أن من تزوج امرأة ليس عليه الفحص عن أن لها زوج حتى بالسؤال منها (٢) ، وعدم وجوب السؤال عن ذكاة الجلود المأخوذة من المسلمين (٣) ، بل تضمّن بعض النصوص إثارة الاحتمالات البعيدة ليتمسك بالأصل ظاهر في الاكتفاء بالاحتمال وعدم وجوب التروي لدفعه الذي هو أخف من الفحص الخارجي.
والظاهر عدم الخلاف فيه في الجملة ، بل ربما ادعي الإجماع عليه. وإنما أوجب الفحص في بعض الموارد بعض القدماء والمتأخرين لدعوى توقف العلم بالحكم فيها على الفحص غالبا ، كالشك في المسافة المقتضية للقصر والإفطار ، والاستطاعة المقتضية للحج ، والنصاب الزكوي والربح الذي يجب فيه الخمس.
إلا أنه يشكل : بأن الكاشف عن وجوب الفحص كون المورد مما يندر العلم بالحكم فيه من دون فحص عن الموضوع حيث يستفاد عرفا من تشريع الحكم وجوب الفحص عن موضوعه تبعا ، وهو غير لازم في الموارد المذكورة ، وإنما اللازم فيها كثرة توقف العلم بالاحكم على الفحص ، وهو غير كاشف عن وجوبه ، لعدم لغوية جعل الحكم بدونه بعد كثرة الموارد غير المحتاجة له أيضا.
وإلا لوجب الفحص في كثير من موارد الطرق والاصول ، كاليد التي هي أمارة على الملكية والسلطنة ويد المسلم التي هي أمارة على التذكية وأصالة
__________________
(١) الوسائل ج : ٢ باب : ٣٧ من أبواب النجاسات حديث : ١.
(٢) راجع الوسائل ج : ١٤ باب : ٢٥ من أبواب عقد النكاح وآدابه ، وباب : ١٠ من أبواب المتعة.
(٣) راجع الوسائل ج : ٢ باب : ٥٠ من أبواب النجاسات.