فيه ..
فاعلم أن عدم التلازم بين الدلالتين في السقوط عن الحجية هو الذي أصر عليه غير واحد ، لدعوى : لزوم الاقتصار في الخروج عن عموم الحجية على المورد الذي يقتضيه دليل التخصيص ، فقد ذكر بعض الأعاظم قدّس سرّه أن الدلالة الالتزامية للكلام تتوقف على دلالته التصديقية ، أي : دلالته على المؤدى ، وأما كون المؤدى مرادا فهو مما لا تتوقف عليه الدلالة الالتزامية ، فسقوط المتعارضين عن الحجية في نسبة المؤدى للمتكلم لا يقتضي سقوطهما عن الحجية في الدلالة الالتزامية التي يبتني عليها نفي الثالث.
وقد استشكل في ذلك غير واحد من مشايخنا ..
تارة : بالنقض.
واخرى : بالحل.
أما الأول : فقد ذكر بعض مشايخنا جملة من النقوض التي لا مجال لاطالة الكلام فيها وفي خصوصياتها ، إلا أن شيخنا الاستاذ قدّس سرّه ذكر أنهم لا يلتزمون بذلك في الموضوعات.
ولعل الاولى التمثيل لذلك بما يناسب ما ذكره هو وبعض مشايخنا وهو ما لو كان في يد زيد مال مدعيا ملكيته ، وقامت بينة بأنه ملك عمرو ، واخرى بأنه ملك بكر ، حيث لا يظن منهم البناء على أنه بعد تساقط البينتين في إثبات ملكية من شهدت له يبقيان حجة في ما يتفقان فيه من المدلول الالتزامي وهو عدم ملكية زيد ، فتسقط يده عن الحجية ، ولا يجوز ترتيب أثر ملكيته له من جواز شرائه منه والتصرف فيه بإذنه. ويأتي في آخر الكلام في حجة القول الأول ما يتعلق بذلك.
وأما الثاني فبدعوى : أن المدلول الالتزامي لكل منهما ليس متحدا مع المدلول الالتزامي للآخر ، إذ مدلول كل منهما ليس هو وجود اللازم مطلقا ، بل