مع عدم حجية رأيه عليهم. على أن نفوذ القضاء لو كان مستلزما للحجية فهو غير مستلزم للحجية التخييرية ، بل التعيينية التي يمتنع ثبوتها للمتعارضين معا ، كما تقدم في الإطلاقات.
رابعها : لزوم العسر والحرج من الاقتصار على تقليد الأعلم ، لصعوبة تشخيصه وصعوبة رجوع جميع المسلمين له مع اختلاف أماكنهم وتباعد أوطانهم ، فلا يتيسر لهم استفتاؤه ولا يتيسر له إفتاء جميعهم.
وكأن المراد بالحرج في المقام الحرج النوعي ، حيث يظهر من جملة من النصوص أن الاحكام الشرعية ليست بنحو يلزم منها الحرج نوعا ، ومن هنا يمكن تمامية الاستدلال في حق من لا يلزم الحرج من رجوعه للأعلم.
وفيه : أن الترجيح بالأعلمية لما كان فرع الابتلاء بفتوى الفقيه والالتفات للاختلاف فهو لا يقتضي رجوع جميع المسلمين لشخص واحد ، بل اكتفاء كل مكلف بالترجيح بها بين من يتيسر له معرفة رأيه كل في مكانه.
نعم ، قد يلزم ذلك في عهودنا التي شاع فيها تسجيل الآراء وانتشار الرسائل العملية وكثرت فيها وسائط النقل والاتصال.
لكن في لزوم الحرج من رجوع الكل للشخص الواحد إشكال ، بل منع ، لأن انتشار الرسائل العملية وتكثر نسخها بالطبع يسهل معرفة آراء الشخص في جميع الاقطار ولو بمعونة أهل العلم المنتشرين فيها الذين يتعارف منهم التصدي لبيان فتاوى المرجع.
غاية الأمر أنه قد يصعب تشخيص الأعلم ، لكون المعلوم حدسيا ليس له أثر محسوس ، وليس كالطب ـ مثلا ـ الذي يظهر أثر الإصابة فيه بشفاء المريض.
إلا أنه لا يكشف عن عموم الحجية لغير الأعلم تخييرا ، ولا سيما في حق من لا يلزم الحرج عليه.
لوضوح أن قاعدة نفي الحرج ـ مع أن المعيار فيها الحرج الشخصي لا